مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

القصر

صفحة 423 - الجزء 1

  الإفراد ما ذكر ليتأتى للمخاطب اعتقاد اجتماعهما فى الموصوف، فإذا قلنا فى قصر الإفراد (ما زيد إلا شاعر) كان المنفى عن زيد ما يمكن مجامعته الشعر كالكتابة، والتنجيم لا كونه مفحما أى: غير شاعر، اللهم إلا أن يعتقد المخاطب إمكان اجتماع كونه مفحما، وشاعرا جهلا، فيكون فى الكلام قصر إفراد - أيضا - والإفحام: وجدان الرجل غير شاعر يقال: أفحمته وجدته غير شاعر، وإذا كان المراد عدم التنافى فى الاعتقاد؛ كيلا يخرج عن قصر الإفراد ما اعتقد فيه المخاطب اجتماع الوصفين فى موصوف خطأ مع تنافيهما فى أنفسهما مع أنه قصر إفراد قطعا، كان هذا الشرط لا فائدة فيه؛ لأنه تقدم أن قصر الإفراد إنما هو عند اعتقاد اشتراك الوصفين ثم لو روعى عدم التنافى فى نفس الأمر ليتأتى مطابقة اعتقاد المشاركة لزم أن يشترط - أيضا - عدم تلازمهما، كالضحك، والنطق ليتأتى مطابقة نفى الاشتراك، وهو فاسد؛ لأن نفى الاشتراك قصر إفراد طابق النفى والاعتقاد ما فى نفس الأمر أم لم يطابقه، وإنما شرط ما ذكر فى قصر الموصوف فقط؛ لأن تنافى الاتصاف بالنسبة لموصوف متعدد فى قصر الصفة نادر، فلم يشترط نفيه، وذلك كقولك (ما أبو عمرو إلا زيد) فقصر الأبوة فيه على زيد يكون قصر قلب؛ لعدم تأتى اتصاف زيد وغيره بأبوة عمرو، فلا يكون قصر إفراد إلا إن ادعيت المشاركة بتأويل الأبوة بالشفقة - مثلا - أو بجهل، وهذا الذى حملنا عليه كلامه من أن المراد بالتنافى التنافى فى الاعتقاد لا يلائم قوله (و) شرط قصر الموصوف على الصفة (قلبا) أى: قصر قلب (تحقق تنافيهما) ففى الكلام بحث على كل تقدير، وإنما قلنا لا يلائمه؛ لأن المراد بالتنافى هنا التنافى فى نفس الأمر، فإذا قلت فى قصر القلب (ما زيد إلا قائم) فالمنفى عن زيد هو القعود أو نحوه مما ينافى القيام لا الكتابة أو الشعر مثلا، إذ لو أريد به التنافى فى الاعتقاد لم يطابق ما عند المصنف فى الإيضاح الذى جعله كالشرح لهذا الكتاب، وذلك أنه ذكر فيه أن السكاكى أغفل ذكر التنافى، ومعلوم أن التنافى الذى أغفله هو التنافى فى نفس الأمر لا التنافى فى الاعتقاد؛ لأنه ذكر أن قصر القلب إنما هو عند اعتقاد المخاطب العكس ويبعد غلط المصنف بأن يكون مراده التنافى فى الاعتقاد مع ممارسته لكتاب السكاكى، وعلمه بما