مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

طريقة التقديم

صفحة 458 - الجزء 1

  حيث كان الطريق إنما (ل) أجل وجود (الإلباس) فى التقديم وذلك؛ لأن كلامن المفعول والفاعل مثلا الواقعين بعدها يجوز أن يكون هو المقصور عليه دون الآخر، وأن يقترن أحدهما بقرينة تدل على كونه هو المقصور عليه، فقصدوا أن يجعلوا التأخير علامة القصر على ذلك المؤخر فالتزموه فى مواطن مع إنما، ولم يجعلوا التقديم أمارة ليجرى على ما تقرر فى أصل القصر بإلا كما تقدم فى النفى والاستثناء فيها ضمنى لا صريح فلم يظهر المقصور عليه فأخر ليتضح، وإنما قيدنا بقولنا: حيث يستفاد القصر منها فقط احترازا من نحو قولك: إنما زيدا ضربت فإن المفيد للقصر هنا التقديم وكذا قوله: إنما لذة ذكرناها أى: إنما ذكرناها للذة.

  وقولنا فى كثير من الصور إشارة إلى إخراج نحو: قولك: إنما قمت أى لا إنى قعدت فإن الفاعل هنا محصور فى الفعل، وقدم الفعل عليه لعدم صحة تقديم الفاعل عليه فيفهم من هذا أنها قد لا تفيد الحصر وحدها، وأن المحصور معها قد يؤخر لعارض (وغير كإلا فى إفادة القصرين) أى: قصر الصفة، وقصر الموصوف أفرادا وقلبا وتعيينا كقولك فى الأول: ما قام غير زيد، وفى الثانى: ما زيد غير قائم، فإن أريد الرد على من اعتقد المشاركة كانا أفرادا، وإن أريد الرد على من اعتقد الخلاف كانا قلبا، وإن كان المخاطب مترددا كانا تعيينا، ويكون القصر بها أيضا حقيقيا وإضافيا، فالإضافى كالمثالين والحقيقى كقولنا: لا إله غير الله تعالى وما خاتم الأنبياء غير سيدنا محمد .

  (و) غير كإلا أيضا فى (امتناع مجامعتها لا العاطفة)؛ لما تقدم فى النفى والاستثناء من أن شرط لا العاطفة أن لا ينفى المنفى بها بغيرها قبلها، وههنا وجد نفيه بغيرها قبلها فلا يقال: ما قام غير زيد لا عمرو كما لا يقال: ما قام إلا زيد لا عمرو فى قصر الصفة، وكذا لا يقال: ما زيد غير شاعر لا كاتب فى قصر الموصوف كما لا يقال ما زيد إلا شاعر لا كاتب.