مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

التمني

صفحة 463 - الجزء 1

  استعارتها لذلك، ولو احتمل الاستفهام أو النفى لكن الأكثر شيوعا التمنى، فلو رفع الفعل بعدها لم تتمحض للتمنى لاحتمال الشرطية حينئذ، ولو التمنية هذه قيل إنها هى التى تستعمل مصدرية بعد فعل ود كثيرا؛ لاستغنائها عن ذلك الفعل، وعلى هذا يكون النصب لتضمين ود المستغنى عنه معنى الطلب فيكون جاريا على خلاف القياس إذ ليس طلبا محضا، ولهذا استضعف، وقيل إنها نقلت للتمنى مستقلة من غير أن يبقى فيها معنى الشرطية، وقيل بقى فيها معنى الشرطية، وأشربت معنى التمنى فإذا قيل على هذا: لو تأتينى فتحدثنى، فالمعنى: لو حصل ما يتمنى وهو الإتيان فالتحديث لسرنا ذلك، ونحو هذا وهذه إشارة لمعان مبسوطة فى النحو.

  ووجه استعمالها كثيرا للتمنى أنها فى الأصل تدخل على الممنوع والمحال والمحال هو المتمنى كثيرا، ثم رتب على كون هل ولو للتمنى تصرفا وقع من السكاكى فقال (السكاكى) أى: قال السكاكى: (كأن حروف التنديم والتحضيض) مصدر حضض بمعنى حض بمعنى حث على الشيء، (و) تلك الحروف (هى هلا) بتشديد اللام، (وألا) بتشديد اللام أيضا، وهى هلا بعينها، وإنما صارت ألا (بقلب الهاء همزة ولو لا ولو ما مأخوذة) أى كأن هذه الحروف الأربعة مأخوذة (منهما) أى: من هل ولو المنقولتين للتمنى (مركبتين) أى: أخذ تلك الأحرف منهما فى حال تركيبهما (مع لا وما المزيدتين) عليهما فلا ركبت مع هل فصارت هلا ثم أبدلت الهاء همزة فصارت ألا وركبت مع لو فصارت لو لا فحصل من التركيب مع لا ثلاثة أحرف وما ركبت مع لو فصارت لو ما، فتبين بهذا أن لا وما ليسا مستويين فيما حصل عن تركبهما واتكل فى البيان على ظهور المراد ثم فى العبارة تسامح لا يخفى؛ لأن ظاهرها أن هلا مثلا أخذت من هل فى حال تركبها مع لا، وهل فى حال تركبها مع لا هى نفس هلا فقد أخذ الشيء من نفسه، وهكذا البواقى، ولكن المراد أن هلا مثلا ركبت من هل ولا وتركيبها هو أخذها بالفعل فمادة الأخذ هى هل ولو وما فى حال إفرادها وتركيبها هو نفس الأخذ، ويمكن أن يحمل على معنى أن هذه الأحرف أخذ إفرادها لدلالتها على معناها الخاص فى الحال التركيب لأن التركيب يصح مع بقاء كل حرف لمعناه، ومع