النهى
  تشتمنى يكن خيرا لك) ولما كان المطلوب فى النهى الكف كان الترتب إنما هو على نفى النهى فلذلك قدر الشرط منفيا فقال: (أى إن لا تشتمنى) يكن خيرا، وذلك لما تقدم أن الطلب يقتضى أن المطلوب إن لم يكن طلبه لذاته فالأمر يترتب عليه، فإذا أتى بعد الطلب بما يصلح أن يترتب على المطلوب جزم جوابا لشرط مقدر دل عليه ذلك المطلوب، أو جزم بذلك المطلوب، لاقتضائه ذلك المترتب كما يقتضيه الشرط، فناب عن الشرط، أو تضمنه على ما تقدم من الخلاف فى موجب جزم الجواب، فذكر الشيء الذى يصلح للترتب على المطلوب بعد ذكر ذلك المطلوب، الذى هو مضمون جملة الطلب؛ يفهم ترتب ذلك الشيء على المطلوب من إثبات أو نفى، كما يترتب الجواب على الشرط، ولهذا قيل: إن الشرط يقدر من جنس ما قبله من إثبات أو نفى، ففى لا تشتم يقدر إن لا تشتم كما قال المصنف لا إن تشتم، وفى أكرمنى يقدر إن تكرمنى، لا إن لم تكرمنى؛ لأن الطلب كما قررنا لا يشعر بذلك، وقيل: يجوز تقديره مخالفا بدلالة القرينة، وعليه يجوز إذا قلت: لا تعص تعاقب بجزم تعاقب على تقدير: إن تعص تعاقب، وكذا إذا قلت: اترك الذنب تعاقب، فيقدر: إن لم تترك الذنب تعاقب ولكن تقدير الإثبات بعد النفى على هذا أشهر من العكس؛ لأن فى النفى تعرضا لذلك المثبت وهو المنفى.
  فإذا ناسب الترتب عليه كان قريبا بخلاف الإثبات، فلم يتضمن الشعور بالمنفى من حيث إنه منفى، ولما خيف أن يتوهم أن العرض أغفل، ذكر جزم الجواب بعده مع أنه وارد بين أنه داخل فى الاستفهام فقال: (وأما العرض) وهو طلب الشيء طلبا بلا حث ولا تأكيد (كقولك ألا تنزل تصب خيرا) يعنى: وكذا التحضيض وهو طلبه مع تأكيد وحث، كقولك: ألا تنزل تصب خيرا (ف) هو غير خارج عما ذكر؛ لأنه (مولد من الاستفهام) لأنه لا يستفاد إلا من آلته، فهو داخل فى الاستفهام، وينبغى له أن يذكر أن الترجى إذا جزم الجواب بعده فلإلحاقه بالتمنى كما تقدم، فهو داخل حكما فى التمنى - أيضا - وإنما قلنا: إن العرض داخل فى الاستفهام؛ لأنك إذا قلت ألا تنزل تصب خيرا - مثلا - فالهمزة فيه للاستفهام فى الأصل، ومنع فى الحال من إرادة الاستفهام كون عدم النزول فى الحال وفى الاستفهام معلوما بقرينة من القرائن، أو