النهى
  الكلام قيل: لم لا يصح أن يترتب؟ فالله هو الولى على هذا المعنى، فتكون الفاء للتعليل، والتسبيب، فكأنه قيل لا ينبغى أن يتخذ من دون الله وليا، بسبب أن الله هو الولى والسيد، فلا يتخذ غيره، فحينئذ لا يحتاج إلى تقدير الشرط المذكور، كما لا يقدر فى قولك - مثلا - لا ينبغى لك أن تعبد سوى الله تعالى، فالله هو المعبود، أى: إنما كان لا ينبغى لك ما ذكر بسبب أن الله تعالى هو المعبود بحق، وعطف الجملة السببية على مسببها موجود، ويأتى ما يعرف منه ذلك - إن شاء الله تعالى - فى الفصل والوصل، ورد بأن الكلام إذا كان بمعنى كلام آخر لا يلزم فيه أن يكون كهو فى كل شيء، لجواز أن يخالفه فى بعض اللوازم، فإنك إذا قلت - مثلا - أتضرب زيدا. على أن الاستفهام للإنكار لم يصح أن تعطف عليه قولك: فهو أخوك بالفاء، وإنما يصح فيه، وهو أخوك على الحالية، مع أنه بمعنى لا تضرب زيدا، وهذا الكلام أعنى قولك: لا تضرب زيدا، لما كان إخبارا فى المعنى؛ لأنه بمعنى لا ينبغى أن تضرب، يصح أن تعطف عليه الجملة المذكورة، فتقول: لا تضرب زيدا فهو أخوك، بلا تقدير شرط، والشاهد فى صحة هذا الكلام، وهو لا تضرب زيدا فهو أخوك دون أتضرب زيدا فهو أخوك، الذوق الناشئ عن تتبع الاستعمال، ونوقش هذا التنظير بأن أتضرب زيدا إنكار لنفس الضرب، وقولك: لا ينبغى، أى: لا يليق أن تضرب زيدا الذى هو معنى المفسر به، وهو لا تضرب، إذ الإنكار معناه النفى، ولو فسر هنا بالنهى تجوزا كما أشرنا إليه إنكارا للانبغاء وللياقة الضرب، وهما مختلفان فلم يتحقق كونهما بمعنى، حتى يتحقق بذلك أن الكلامين قد يكونان بمعنى ويختلفان فى اللوازم والاستدلال، حيث بطل فيه هذا التنظير يعود دعوى، ثم منع قولنا: أتضرب زيدا فهو أخوك، على أن تكون الجملة للعطف قد لا يسلم كما فى قوله:
  أحاولت إرشادى فعقلى مرشدى.
  إذ لا يحسن التقدير هنا، ولكن هذا لا يرد على المصنف؛ لأنه إنما ادعى جواز التقدير، وإنما يرد على من حمل كلامه على وجوب التقدير - تأمله والله أعلم.