[طرق القصر]
  السكاكى: «شرط مجامعته للثالث: ألّا يكون الوصف مختصّا بالموصوف؛ نحو: {إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ}(١)».
  عبد القاهر: «لا تحسن فى المختصّ؛ كما تحسن فى غيره»؛ وهذا أقرب.
  (٤٤٣) وأصل الثانى: أن يكون ما استعمل له ممّا يجهله المخاطب وينكره، بخلاف الثالث؛ كقولك لصاحبك - وقد رأيت شبحا من بعيد -: «ما هو إلا زيد» إذا اعتقده غيره مصرّا.
  (٤٤٤) وقد ينزل المعلوم منزلة المجهول لاعتبار مناسب؛ فيستعمل له الثانى إفرادا؛ نحو: {وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ}(٢) أى: مقصور على الرسالة لا يتعداها إلى التبرّى من الهلاك، نزل استعظامهم هلاكه منزلة إنكارهم إياه، أو قلبا؛ نحو: {إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا}(٣) فالمخاطبون - وهم الرسل، عليهم الصلاة والسّلام - لم يكونوا جاهلين بكونهم بشرا، ولا منكرين لذلك؛ لكنهم نزلوا منزلة المنكرين؛ لاعتقاد القائلين أنّ الرسول لا يكون بشرا، مع إصرار المخاطبين على دعوى الرسالة. وقولهم: {إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ}(٤): من باب مجاراة الخصم؛ ليعثر؛ حيث يراد تبكيته لا لتسليم انتفاء الرسالة، وكقولك: «إنّما هو أخوك» لمن يعلم ذلك، ويقرّ به، وأنت تريد أن ترقّقه عليه.
  (٤٤٩) وقد ينزل المجهول منزلة المعلوم؛ لادعاء ظهوره؛ فيستعمل له الثالث؛ نحو: {إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ}(٥)؛ لذلك جاء: {أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ}(٦)؛ للردّ عليهم مؤكّدا بما ترى.
  ومزيّة (إنّما) على العطف: أنه يعقل منها الحكمان معا، وأحسن مواقعها التعريض؛ نحو: {إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ}(٧)؛ فإنه تعريض بأن الكفّار - من فرط جهلهم - كالبهائم، فطمع
(١) الأنعام: ٣٦.
(٢) آل عمران: ١٤٤.
(٣) إبراهيم: ١٠.
(٤) إبراهيم: ١١.
(٥) البقرة: ١١.
(٦) البقرة: ١٢.
(٧) الرعد: ١٩.