مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

[طرق القصر]

صفحة 52 - الجزء 1

  السكاكى: «شرط مجامعته للثالث: ألّا يكون الوصف مختصّا بالموصوف؛ نحو: {إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ}⁣(⁣١)».

  عبد القاهر: «لا تحسن فى المختصّ؛ كما تحسن فى غيره»؛ وهذا أقرب.

  (٤٤٣) وأصل الثانى: أن يكون ما استعمل له ممّا يجهله المخاطب وينكره، بخلاف الثالث؛ كقولك لصاحبك - وقد رأيت شبحا من بعيد -: «ما هو إلا زيد» إذا اعتقده غيره مصرّا.

  (٤٤٤) وقد ينزل المعلوم منزلة المجهول لاعتبار مناسب؛ فيستعمل له الثانى إفرادا؛ نحو: {وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ}⁣(⁣٢) أى: مقصور على الرسالة لا يتعداها إلى التبرّى من الهلاك، نزل استعظامهم هلاكه منزلة إنكارهم إياه، أو قلبا؛ نحو: {إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا}⁣(⁣٣) فالمخاطبون - وهم الرسل، عليهم الصلاة والسّلام - لم يكونوا جاهلين بكونهم بشرا، ولا منكرين لذلك؛ لكنهم نزلوا منزلة المنكرين؛ لاعتقاد القائلين أنّ الرسول لا يكون بشرا، مع إصرار المخاطبين على دعوى الرسالة. وقولهم: {إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ}⁣(⁣٤): من باب مجاراة الخصم؛ ليعثر؛ حيث يراد تبكيته لا لتسليم انتفاء الرسالة، وكقولك: «إنّما هو أخوك» لمن يعلم ذلك، ويقرّ به، وأنت تريد أن ترقّقه عليه.

  (٤٤٩) وقد ينزل المجهول منزلة المعلوم؛ لادعاء ظهوره؛ فيستعمل له الثالث؛ نحو: {إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ}⁣(⁣٥)؛ لذلك جاء: {أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ}⁣(⁣٦)؛ للردّ عليهم مؤكّدا بما ترى.

  ومزيّة (إنّما) على العطف: أنه يعقل منها الحكمان معا، وأحسن مواقعها التعريض؛ نحو: {إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ}⁣(⁣٧)؛ فإنه تعريض بأن الكفّار - من فرط جهلهم - كالبهائم، فطمع


(١) الأنعام: ٣٦.

(٢) آل عمران: ١٤٤.

(٣) إبراهيم: ١٠.

(٤) إبراهيم: ١١.

(٥) البقرة: ١١.

(٦) البقرة: ١٢.

(٧) الرعد: ١٩.