الوصل بغير الواو من حروف العطف
  بالإسلام فقد حقره، وتحقير الإسلام تعظيم للكفر، وهو مقتضى إنا معكم، ويحتمل أن تكون الجملة استئنافية فكأنه قيل لهم: إذا كنتم معنا فكيف تقرون لأصحاب محمد بتعظيم دينهم واتباعه؟ فقالوا: {إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ} وليس ما ترون منا باطنيا، فلو عطف عليها أيضا كانت الجملة مقولة لهم؛ لأن الجملة الاستئنافية لا تكون إلا مقولة لقائل المستأنف عنها، وقد علم أن التأكيد فيه رفع توهم التجوز أو السهو أو غير ذلك، والبدل فيه بيان المشتمل عليه بالصراحة، والاستئناف فيه بيان المسئول عنه في السؤال المقدر فإن أراد من قال: إنها بيان أن فيها مطلق البيان اللغوى فذاك، وإن أراد عطف البيان الاصطلاحى فليس بظاهر لتوقفه على وجود الإبهام الواضح فى الجملة الأولى ولم يوجد فيها ظاهرا تأمله.
الوصل بغير الواو من حروف العطف
  (وعلى) التقدير (الثانى) وهو أن لا يكون للأولى محل من الإعراب (إن قصد ربطها بها) أى: ربط الثانية بالأولى ربطا كائنا (على معنى) حرف (عاطف سوى الواو) كالفاء وثم (عطفت) جواب إن أى: إن قصد الربط المذكور عطفت تلك الثانية على الأولى (به) أى: بذلك الحرف العاطف الذى هو غير الواو من غير مراعاة أمر آخر يشترط فى ذلك العطف، وإنما لم يشترط فى غير العطف بالواو شرط زائد على مجرد مفادها؛ لأن معانيها مخصوصة تكفى فى الإفادة عند قصدها.
  فأما «حتى» فإذا قلنا: إنها لا تعطف إلا المفردات فأمرها واضح؛ باعتبار الجمل لخروجها عن حكمها، وأما المفردات ولو وجب اعتبار الجامع فيها كالجمل فهى فيها لعطف الجزء على الكل، ولا يكون ذلك الجزء إلا غاية فى الرفعة، كمات الناس حتى الأنبياء، أو فى الدناءة، كرزق الناس حتى الكافرون، وهذا المعنى أخص من مطلق الاجتماع فى الحكم فهو كاف فيها؛ فلا يطلب جامع آخر.
  وإذا قلنا: إنها تعطف بها الجمل أيضا فمضمون الجملة المعطوفة بها يجب أن يوجد فيه ما روعى فى المفرد فيكفى فى الإفادة، وذلك واضح.