مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

الوصل لدفع الإيهام

صفحة 570 - الجزء 1

  بالتكاليف الشرعية وإذا فهمت هذا تبين لك على الاحتمال الأول، أن فى الكلام مثالا لقسمين مما تكون فيه الجملتان إنشائيتين معنى فقط، أحدهما أن تكون الأولى خبرية فقط، والثانى أن تكونا معا خبريتين وبقى على المصنف القسم الثالث من هذا القسم، وهو أن لا تكون الأولى إنشائية لفظا دون الثانية كما بقى عليه ثلاثة أقسام: المتفقين فى الخبرية معنى فقط، ولنمثل لهذه الأربع، ولو لم تكن الأمثلة كلها من شواهد العرب، تكميلا للفائدة لقصد التصور، فأما مثال ما تكونان معا إنشائيتين معنى، والأولى إنشائية لفظا دون الثانية فكقولك: قم الليل وأنت تصوم النهار، وأما مثال الخبريتين معنى مع كون الأولى إنشائية لفظا فقط، فكقوله تعالى: {أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا ما فِيهِ}⁣(⁣١) فإن درسوا معطوف على ألم يؤخذ، وهو ولو كان إنشاء بوجود الاستفهام فى تأويل أخذ إذ الاستفهام للإنكار، والجامع بين المسندين اتحادهما إذ معنى أخذ ميثاق الكتاب إعلامهم بما فيه التلازم مع التزامهم إياه، وذلك مرجع الدرس ويحتمل أن يكون الجامع، التلازم بين الأخذ والدرس، كتلازم المتضايفين. وأما المسند إليهما فظاهر اتحادهما وأما مثالهما مع كونهما معا إنشائيتين لفظا فكقولك ألم آمرك بالتقوى وألم آمرك بترك الظلم، وأما مثالهما مع كون الأولى خبرية لفظا فقط فكقولك أمرتك بالتقوى وألم آمرك بترك الظلم.

  ثم أشار إلى تحقيق الجامع وأقسامه فقال (والجامع) الذى تقدم أن نفيه يمنع وقوع العطف (بينهما) أى: بين الجملتين (يجب أن يكون) ذلك الجامع محققا (باعتبار المسند إليهما) أى: بالنسبة إلى المسند إليهما، (و) أن يكون محققا (باعتبار المسندين) أى: بالنسبة إلى المسندين أيضا. فقوله (جميعا) عائد إلى المسند إليهما كما هو عائد إلى المسندين، والمراد أن المسند إليه فى الجملة الأولى لا بد أن يتحقق بينه وبين المسند إليه فى الثانية جامع، والمسند فى الأولى أيضا لا بد أن يتحقق جامع بينه وبين المسند فى الثانية وظاهره الاكتفاء بذلك، وأنه لا عبرة بالجامع باعتبار المتعلقات ولعله كذلك إن لم يكن القيد مقصودا بالذات فى الجملتين، فانظره فعلى هذا لا يكفى جامع بين المسند إليهما


(١) الأعراف: ١٦٩.