جامع التضاد
  التأمل ضعيف؛ لأن الجامع ليس هو نفس الضدين، كما لا يخفى وقد أجاب عنه بما ظهر به عدم وروده وهو ما صرحوا به كما قلنا من أن الجامع هو التضاد مثلا ومشابهته، وهما معنيان جزئيان غير حسيين وليس الجامع صورتا الضدين أو صورتا ما يشبههما حتى يرد ما ذكر، ولكن فى هذا الجواب بحث من جهة أخرى، وهو يؤخذ مما أشرنا إليه قبل وذلك أنه إن أراد أن التضاد مطلقا جزئى فلا يصح؛ لأن تضاد كلى لكلى كلى لا جزئى، وكذا التشابه فلا يكونان جامعين وهميين كما قال وإن أراد مضادة هذا لهذا على المعنيين وأنه بذلك يكون وهميا لكونه جزئيا من مدركات الوهم، حينئذ لزم أن مماثلة هذا لهذا ومضايفة هذا لهذا أيضا وهميان، فكيف جعلا عقليين لأنهما على هذا من مدركات الوهم فإن لم يحمل الجامع على ما ذكرنا توجه الإشكال بأن يقال أى فرق بين التضاد ومشابهته والتماثل والتضايف حتى جعل الأولان وهميين على الإطلاق من غير تفريق بين جزئيهما وكليهما، والآخران عقليين من غير تفريق بين كليهما وجزئيهما، مع أن الجزئى فى البابين مدرك الوهم والكلى مدرك العقل فإذا جعل جامع كل منهما ما يدرك به لزم التحكم فى إطلاق كون التضايف والتماثل عقليين، وإطلاق كون التضاد والتشابه وهميين، فالصواب ما قدمنا فى الجواب، وفى كلامهم ما يتعين به أن ليس المراد بالجامع المنسوب لبعض هذه القوى ما يدرك بتلك القوى، وذلك أن الجامع بين الصور الخيالية هو تقارنها قطعا لا نفسها، وتقارنها معنى من المعانى يدرك بالعقل، فعلم بذلك أن المراد بالجامع ما لتلك القوة تعلق به فى التوصل أو له تعلق بمدركها وقد أشرنا إلى هذا بقولنا آنفا والجامع الخيالى هو ما يتعلق بالصور الخيالية وإنما حملنا كلام المصنف على ما فى المفتاح بأن فسرنا الشيئين بالجملتين والتصور بالمتصور؛ لأن حمله على ظاهره يؤدى إلى الخلل فى قوله الوهمى أن يكون بين تصوريهما شبه التماثل أو نفس التضاد. وفى قوله فى الخيالى أن يكون بين تصوريهما فى الخيال تقارن، وإنما كان فيه الخلل لأن من المعلوم أن التضاد إنما هو بين نفس معنى البياض والسواد مثلا، لا بين تصوريهما أى العلم بهما والتقارن إنما هو بين نفس الصور الخيالية لا بين تصور تلك الصور أى العلم بها، وحملنا كلام المصنف على ما فى المفتاح