تذنيب
  من تركها فيها (لعدم دلالتها على عدم الثبوت مع ظهور الاستئناف فيها) أى: وإنما قلنا دخولها أولى؛ لأن الجملة الاسمية ليس فيها دلالة على عدم الثبوت للصفة، بل على الثبوت والدوام لها، لكونها اسمية وذلك مفادها مع زيادة ظهور الاستئناف فيها دون الفعلية فإنّ الفعلية ولو كانت مستقلة، لكن حاصلها الفعل والفاعل، وذلك حاصل الحال المفردة المشتقة بخلاف الاسمية، فقد يكون جزآها جامدين، فلا يكون حاصلها كحاصل المفردة التى لا استئناف فيها، فكان الاستئناف فيها أظهر منه فى الفعلية وإذا بعدت عن المفردة من دلالتها على الثبوت والدوام، ومن ظهور الاستئناف (فتحسن) فيها حينئذ (زيادة رابط) هو الواو لظهور انفصالها على العامل فى صاحب الحال، والانفصال يحتاج إلى مزيد ربط بخلاف الاتصال وذلك (نحو) قوله تعالى: ({فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ})(١) فجملة {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} جملة حالية مصدرة بالواو على وجه الأولوية، وقوله: تعلمون، يحتمل أن يكون المراد به وأنتم من أهل العلم والمعرفة أى: ومن شأن العالم التمييز بين الأشياء، فلا يدعى مساواة الحق للباطل، فيكون بمنزلة اللازم إذ لا يطلب له مفعولا حينئذ، ويحتمل أن يكون المراد وأنتم تعلمون ما بين الله تعالى وبين الأنداد التى تدعونها من التفاوت الكلى؛ لأنهم مخلوقون عجزة والله خالق قادر فكيف تجعلونهم أندادا له وقد صرح المصنف فى هذا الكلام بمشهورية جواز ترك الواو فى الجملة الاسمية من غير تفصيل بين ما فيه ظرف مقدم، وما لا، وبين ما فيها حرف ابتداء مقدم وما لا، وبين ما عطفت على مفرد وما لا، ومن غير أن يشترط فى الجواز ظهور تأويلها بالمفرد.
  وكلام الشيخ عبد القاهر يخالف ذلك فإنه حكم فى غير المبدوءة بالظرف، وغير المبدوءة بحرف الابتداء وغير المعطوفة على مفرد بوجوب الإتيان بالواو فيمتنع تركها إلا لظهور التأويل بالمفرد وأشار المصنف إلى كلامه فقال: (وقال عبد القاهر: إن كان المبتدأ) فى الجملة الاسمية الحالية (ضمير ذى الحال وجبت الواو) فيها سواء حين
(١) البقرة: ٢٢.