مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

تعريف علم البيان

صفحة 89 - الجزء 2

  التحقيقية والمكنى عنها، ويأتى - إن شاء الله تعالى - تفسيرهما، وذلك لأن استعارة اللفظ إنما تكون بعد المبالغة فى التشبيه وإدخال المشبه فى جنس المشبه به.

  وجب ضم التشبيه لهذا الفن لنوقف باب منه عليه، (فتعين التعرض له) أى: للتشبيه المتوقف عليه على أنه باب زائد على البابين قبل التعرض للمجاز؛ لأن المتوقف عليه متقدم على المتوقف طبعا إن لم يكن للتأثير كما تقدم فى توقف الكل على الجزء، وإنما قدم على جميع المجاز مع أن المتوقف على التشبيه قسم منه، وهو الاستعارة لينضم غير المتوقف، وهو المجاز المرسل، لما يشاكله فى المجاز، ولما توقف قسم منه وهو ملابس للقسم الآخر صار توقفه كتوقف القسم الآخر، نعم يرد أن يقال التشبيه على هذا ليس من مقاصد الفن بل من وسائله؛ فكيف عد بابا، ولم لم يجعل مقدمة للمجاز، فإن التوقف عليه الموجب للتعرض له لا يوجب جعله بابا مستقلا.

  والجواب أن كثرة أبحاثه وجموع فوائده أوجب جعله بابا مستقلا، وعلى هذا فهو مقدمة فى المعنى؛ وإنما جعل بابا تشبيها له بالمقصود فى كثرة الأبحاث، وقيل: إنه باب مستقل لذاته؛ لأن الاختلاف فى وضوح الدلالة وخفائها موجود فيه كما تقدم فهو من هذا الفن قصدا، ولو توقف عليه بعض أبوابه؛ لأن توقف بعض الأبواب على بعض لا يوجب كون المتوقف مقدمة للفن وعروض وجه تقديمه على المجاز بمثل ما قرر فى تقديم المجاز على الكناية؛ لأن التشبيه مشتمل على الطرفين معا، والاستعارة معناها أحد الطرفين فهى له كالجزء من الكل، لكن رجحت فى التقديم علة التوقف؛ لأنها أنفع فى الإدراك والتعليل الآخر مناسبة تمليحية فقط، (فقد انحصر) علم البيان على ما ذكرنا (فى) الأبواب (الثلاثة) لانحصار المقصود منه على ما يتوقف عليه البعض منه فيها، وهى: التشبيه، والمجاز، والكناية وقيل: إنها أربعة: الاستعارة، والتشبيه الذى تتوقف هى عليه وجرت له كالجزء، والمجاز المرسل، والكناية التى جرت لها المرسل كالجزء من الكل، والخطب فى مثل هذا سهل، وبالله تعالى التوفيق.