مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

التشبيه

صفحة 90 - الجزء 2

التشبيه

  الخلاف فى الإظهار أقوى من إرادته فى الإضمار؛ ولذلك أعاد التشبيه بلفظ الإظهار (الدلالة) أى: التشبيه هو الدلالة، وهى فى الأصل مأخوذة من دللته على كذا إذا هديته له وأريته إياه، ومنه الدلالة على الطريق، والمراد به هنا أن يأتى المتكلم بما يدل (على مشاركة أمر لأمر فى معنى)، الأمر الأول المشبه، والأمر الثانى المشبه به، والمعنى هو وجه الشبه، كقولك: زيد كالأسد فى الشجاعة، فقد دللت على مشاركة زيد للأسد فى الشجاعة، وبهذا التفسير تكون وصفا للمتكلم، وتطابق التشبيه الذى هو وصف المتكلم، وهذا الذى فسر به التشبيه يشمل بظاهره، مثل قول القائل: قاتل زيد عمرا، وجاء زيد وعمرو، فإن الأول يدل على مشاركة زيد عمرا فى المقاتلة، والثانى يدل على مشاركته إياه فى المجيء، ولكن إنما يشمل نحو المثالين إن لم نشترط فى الدلالة بالصراحة والقصد، وهو الظاهر؛ لأن دلالة اللزوم معتبرة والقصد غير مشروط على الأصح فى الدلالة مطلقا، وإلا لم يشملها؛ لأن مدلول الأول صراحة وجود المقاتلة من زيد وتعلقها بعمرو، ويلزم من ذلك مشاركتهما فيها، ومدلول الثانى صراحة وجود المجيء لزيد ووجوده لعمرو، ويلزم من ذلك أيضا مشاركتهما فى المجيء، والمتكلم قد يقصد وقوع المقاتلة من زيد وتعلقها بعمرو غافلا من مشاركتهما فيها، وقد يقصد وقوع المجيء من كل واحد منهما غافلا عن المشاركة فيه أيضا، ولو كانت المشاركة لازمة لكلا مدلولى التركيبين فعلى شرط كون الدلالة صريحة لا يشملها، وكذا على شرط قصدنا، والغرض غفلته عنها، فإن قصدها على هذا التزمنا كونهما تشبيها فلا يرد الاعتراض، ولأجل ورود الاعتراض بشمول نحو المثالين مع أنهما ليسا منه بناء على ما تقدم زاد فى التعريف لإخراج ذلك بكاف ونحوها، إذ لم توجد فيهما، وقد يدعى خروج نحو المثالين بما تقرر فيما يأتى من أن المعنى المشترك فيه فى التشبيه يجب أن يكون له نوع خصوصية، والمجيء والتقاتل ليسا كذلك لعمومهما، ولكن شرط الخصوصية فى الوجه إنما هو فى حسن التشبيه لا فى مطلقه، على أن الاتكال فى التعريف على أمر خارج عنه ليس من دأب التعريف، فالجواب هو ما تقدم، ثم التشبيه المفسر بما ذكر هو