التشبيه
  مطلق التشبيه الشامل للاستعارة والتجريد، كما تقدم، وليس ذلك مرادا فى الاصطلاح، (و) إنما (المراد) بالتشبيه فى الاصطلاح (ههنا) يعنى فى علم البيان (ما) أى: الدلالة على المشاركة المذكورة بشرط أن معنى تلك الدلالة المفادة بالكلام (لم تكن على وجه الاستعارة التحقيقية)، فإن كان معنى تلك الدلالة على وجه الاستعارة المذكورة بأن يطوى ذكر المشبه، ويذكر لفظ المشبه به مع قرينة دلت على إرادة المشبه بذلك اللفظ لم يكن تشبيها فى الاصطلاح، وذلك كقولك: رأيت أسدا فى الحمام، (ولا) كان (على وجه الاستعارة بالكناية)، وهى عند المصنف إضمار التشبيه فى النفس، وعند غيره نفس لفظ المشبه المستعمل فى المشبه به ادعاء، وعلى الأول يكون التمثيل لها بقول القائل: أنشبت المنية أظفارها بفلان، تمثيلا لما تستفاد منه، وعلى الثانى يكون تمثيلا لما وجدت فيه، (ولا) كان (على وجه التجريد) المذكور فى علم البديع، وهو أن يبالغ فى تشبيه الشيء، حتى يصير المشبه بحيث يكون أصلا تتفرع عنه وتنفصل عنه وبسببه أفراد المشبه به كقولك: لقيت بزيد أسدا، ولقينى منه أسد؛ وإنما خرجت هذه الثلاثة، أعنى الاستعارة التحقيقية والمكنى عنها والتجريد مع اشتمالها كما يظهر من معناها؛ نظرا لأصله على مشاركة أمر لأمر فى وجه؛ لأنه لا يسمى تشبيها فى الاصطلاح إلا ما كان بالأداة لفظا أو تقديرا كما تقدم، وسيشير إليه، وقيد الاستعارة بالتحقيقية والمكنى عنها لنخرج التخييلية؛ لأنها حقيقة عند المصنف، فلفظ الأظفار مثلا عند المصنف التى أثبتها تخييل أريد به معناه حقيقة وليس مجازا أصلا، وإنما التجوز فى نسبتها إلى المنية على ما يأتى، ومثلنا للتجريد بما يكون فيه تجريد المشبه به من المشبه ليخرج ما فيه تجريد الشيء من نفسه كقوله تعالى: {لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ}(١) فلا يقدر فيه التشبيه وإخراج التجريد إنما هو بناء على أنه لا يسمى تشبيها اصطلاحا، وهو الأقرب؛ إذ لم يذكر فيه الطرفان على وجه ينبئ عن التشبيه، وقيل: إنه تشبيه حقيقة لذكر الطرفين، فيمكن التحويل فيهما إلى هيئة التشبيه لو لا قصد التجريد، وعليه فلا يحتاج لإخراجه، فالتشبيه الاصطلاحى على هذا هو الدلالة على مشاركة أمر لأمر فى معنى لا على وجه
(١) فصلت: ٢٨.