مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

وجه التشبيه

صفحة 108 - الجزء 2

  بيان لها مجمل لها على حدة، ويحتمل أن يراد بالهيئة الحالة اللازمة لذلك الحصول، أعنى كون أشياء حصلت فى جنب شيء أسود، فيظهر التباين بين الحصول والهيئة، ومثل هذا يتقرر فى كل ما كان مثل هذا الكلام، فليفهم.

  وإذا علم أن وجه الشبه هو الهيئة المذكورة (فهى) أى: فتلك الهيئة معلوم أنها (غير موجودة فى المشبه به) الذى هو السنن الكائنة بين البدع، ضرورة أن الإشراق لكونه حسيا لا تتصف به السنة لكونها عقلية محضة؛ إذ هى عائدة إلى كون الشيء مأمورا به شرعا، وهو كذلك فى نفس الأمر، والحكم بذلك أصله العلم الموجب للهدى والإظلام لكونه حسيا أيضا، لا تتصف به البدعة لكونها عقلية محضة، إذ هى عائدة إلى الحكم بكون الشيء مأمورا به مع أنه ليس كذلك فى نفس الأمر، وأصله الجهل الموجب للغى والضلال؛ وإنما وجدت تلك الهيئة حقيقة فى المشبه وهو ظاهر، ولا يقال الحصول إلى آخره ليس بحسى؛ لأنا نقول: المراد بالحسى - كما تقدم - ما يعم ما تعلق بحسى فتحقق بهذا أن الوجه لم يوجد فى المشبه به (إلا على طريق التخييل) أى: إلا على السبيل الذى هو تخيل الوهم كون الشيء حاصلا مع أنه ليس كذلك فى نفس الأمر، ثم أشار إلى بيان سبب التخييل المذكور فقال: (وذلك) أى: وكون وجود الهيئة المذكورة فى المشبه به حاصلا على سبيل التخييل سببه (أنه) أى: أن الشأن هو هذا، وهو قوله: (لما كانت البدعة) التى إنما ترتكب بسبب الجهل بموجب تركها (و) كذا (كل ما) أى: كل فعل (هو جهل) أى: ارتكابه يسمى جهالة لحصوله عن الجهل بموجب تركه (يجعل صاحبها) أى: صاحب تلك البدعة، يعنى وكل ما هو جهالة (كمن يمشى فى الظلمة) وإذا كان صاحب الفعل الذى لا يرتكبه إلا الجاهل يجعل كالماشي فى الظلمة فالجهل نفسه أحرى أن يجعل صاحبه كذلك؛ لأنه السبب فى كون صاحب الفعل كذلك، وإنما حملنا الكلام على ما ذكر، ولم نحمله على ظاهره للعلم بأن البدعة اصطلاحا ليست هى نفس الجهل، ولو كان ارتكابها عن جهالة، وإذا كانت كذلك فالمعطوف عليها ينبغى أن يكون من جنسها، ومثل هذا يتقرر فى السنة فيعلم أيضا حكم محض العلم فى التشبيه من باب أحرى (فلا يهتدى) أى: وحيث كان كمن