مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

قسما الحقيقة:

صفحة 115 - الجزء 2

  أنها هيئة متمكنة فى الذات متقررة فيها خارجا تقررا استقلت معه فى ذلك الموصوف بالمفهومية، واحترز بذلك عن النسبية، فإن النسبية لا تعقل إلا بين شيئين، فليست مستقلة المفهومية فى الموصوف على ما يأتى تحقيق ذلك فى تفسير مقابل الحقيقة، وهى - أعنى تلك الحقيقة قسمان - لأنها:

قسما الحقيقة:

الحسية

  (إما حسية) أى مدركة بإحدى الحواس الخمس التى هى البصر والشم والسمع والذوق واللمس، وذلك (كالكيفيات الجسمية) أى: المختصة بالوجود فى الجسم والكيفية عرض لا يقتضى قسمة ولا عدمها لذاته اقتضاء أوليا، ولا يتوقف تعقله على تعقل الغير، وقد تقدمت محترزات هذه القيود فى صدر الكتاب عند تفسير الملكة، ثم الكيفية الجسمية حيث كانت حسية تدرك بإحدى الحواس، فهى حينئذ إما أن تكون (مما يدرك بالبصر) وهى معنى قائم بالحدقة يتعلق بالألوان، والأكوان التى هى الحركة والسكون والاجتماع والافتراق، ويفسر عند الحكماء على ما اقتضاه التشريح بأنه قوة مترتبة أى: متمكنة فى العصبتين المجوفتين اللتين هما متلاقيتان، فتفترقان إلى العينين، وذلك أن الطرف الأول من الدماغ قامت من جهته اليسرى عصبة مجوفة كالقصبة الصغيرة، ومن جهته اليمنى عصبة كذلك، فذهبت اليسارية إلى العين اليمنى واليمنية إلى العين اليسرى، فتلاقت العصبتان قبل الوصول إلى العينين على التقاطع فصارتا على هيئة الصليب، وقام معنى البصر فى العصبتين وظاهر هذا التفسير أن البصر لا يختص بما اتصل منهما بالعينين ولا بما اتصل بالدماغ ولا بوسطهما، بل هو مبثوث فى الجميع، وليس فى ذلك قيام المعنى بمحلين؛ لأن ذلك محمول على أن فى كل محل مثل ما فى الآخر، ويحتمل اختصاصها بمحل مخصوص منها، ولكن جرت العادة مطلقا بأن العصبة إذا أصابتها آفة فى موضع منها ذهب البصر عن جميعها، ثم بين ما يدرك بالبصر بقوله: (من الألوان) كبياض وسواد وحمرة وصفرة وغير ذلك، فيقال مثلا عند التشبيه فى اللون: خده كالورد فى حمرته، وشعره كالغراب فى سواده، (و) من (الأشكال) والشكل عبارة