مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

طرفا المركب الحسى المفردان

صفحة 138 - الجزء 2

  طرفاه مركبان بهذا الاعتبار فلم يجر فيه التقسيم، وإنما يجري في الوجه المركب الحسي كما تقدم، فطرفاه إما مفردان أو مركبان، أو المشبه مفرد والمشبه به مركب أو العكس، فالمركب الحسي (فيما) أي: في التشبيه الذي

طرفا المركب الحسى المفردان

  (طرفاه مفردان) معا (كما) أي: كالوجه (في قوله) أي: في قول أحيحة بن الجلاح، أو قول قيس بن الأسلت (وقد لاح في الصبح الثريا كما ترى)⁣(⁣١) أي: حل كون الثريا على الحالة التي تراها فهي حينئذ (كعنقود ملاحية) بضم الميم وتشديد اللام وهي عنب أبيض في حبه طول وتخفيف اللام أكثر، لكن ارتكب التشديد مع قلته لاستقامة الوزن، ثم قيد المشبه به بقوله: (حين نورا) إشارة إلى أن المشابهة بين الثريا والعنقود إنما هي في حال التنوير، أي: إخراج النور، ويأتي الآن ما فيه، فالثريا وعنقود الملاحية مفردان لأن كلا منهما اسم لمسمى واحد، وإضافة العنقود إلى الملاحية تصيره مقيدا، والتقييد لا ينافي الإفراد، ولما كان كل منهما اسما لمسمى واحد صارت أجزاء كل منهما كاليد من زيد، ولما كانت تلك الأجزاء لها وضع مخصوص ولون مخصوص ومقدار مخصوص وكل منها كالمستقل عن الآخر؛ إذ هي أجرام مفترقة تأتي اعتبار هيئة مأخوذة من تلك الأجرام تكون وجه شبه فتأتي التركيب بهذا الاعتبار في الوجه، ولو وجد الإفراد في الطرفين وإلى تلك الهيئة أشار بقوله: (من الهيئة) هو بيان لما في قوله كما في قوله: وقد لاح ... إلخ أي: كالوجه الذي هو الهيئة (الحاصلة) أي: المتحققة (من تقارن) أي: اجتماع (الصور البيض)، وهي النجوم المتعددة في الثريا وأفراد النور المتعددة في العنقود (المستديرة) استدارة مصاحبة للتساهل في تحققها (الصغار المقادير في المرأى) أي: في مرأى العين باعتبار ما يبدو، وإن كانت النجوم من الكبر بحيث يقال إنها أعظم من جميع الأرض بكثير؛ إذ المعتبر في التشبيه ما يبدو لا في نفس الأمر إذ الخطاب بما يتبادر حال كون تلك الصور البيض المستديرة كائنة (على الكيفية


(١) البيت لأبى قيس بن الأسلت، أورده محمد بن على الجرجانى فى الإشارات ص (١٨٠).