طرفا المركب الحسى المختلفان
  الجوانب والرجوع إلى الوسط، بل ثبوت واتصال في مضطرب، فتحقيق وجه الشبه في المرآة على الوجه المذكور في الشمس مبني على التساهل، وإلى تلك الهيئة أشار بقوله (من الهيئة) بيان لما في قوله: (الحاصلة من الاستدارة) الكائنة في جرم الشمس والمرآة (مع الإشراق) الذي هو كاللون لهما.
  (و) مع (الحركة السريعة المتصلة) القائمة بهما فيما يبدو (مع تموج) أي: اندفاع (الإشراق) كالماء، والمراد بالإشراق الشعاع بنفسه لا المصدر (حتى يرى) ذلك (الشعاع) الذي هو الإشراق (كأنه يهم بأن ينبسط) يقال «هم بكذا» إذا قصد فعله، فإسناد الهم إلى الشعاع تجوز، والمراد القرب إلى الانبساط (حتى يفيض) بذلك الانبساط (على) جوانب (الدائرة) الكائنة للشمس والمرآة، (ثم يبدو له) أي: يظهر لذلك الشعاع أن يرجع (فيرجع) عن الانبساط الذي هم به (إلى الانقباض) الذي بدا له الرجوع إليه.
  يقال: بدا له إذا ندم، والمعنى ظهر له رأي غير الأول، فندم على الأول، وقد علم أن إسناد البداء إليه تجوز، والمراد عروض الرجوع إلى الوسط بعد قرب الفيضان عن الدائرة، وقد تقدم أن هذا المعنى غير متحقق في المرآة، وإنما يتحقق في الشمس عند إحداد النظر إليها فإنها تؤدي هذه الهيئة كلها عند ذلك، والمرآة تؤدي إلى ما يقرب من هذه الهيئة في كف المرتعش، ولا شك أن هذا التشبيه في غاية الدقة كما سيأتي بيانه، (و) الوجه (الثاني) الذي يكون عليه بديع المركب الحسي، وهو الذي تعتبر فيه الحركة (أن تجرد) الحركة (عن غيرها) الموجودة في الطرفين، (فهناك) أي: ففي هذا الوجه (أيضا)، وأشار إليه بصيغة البعد؛ لأنه معنى والمعنى يحكم له بحكم البعد (لا بد من اختلاط حركات) أي: لا بد أن يوجد في ذلك الوجه حركات مختلطة اعتبرت هيئتها وكثرة حركات ذلك الجسم في أجزائه أو في كله هي التي تزداد به الدقة فيه، وإن كان التعدد كافيا على مقتضى ظاهر ما تقدم من أن وجود التركيب في الهيئة مناط الدقة، فالتعبير بالحركات الكثيرة لإفادة الوجه الذي لا يتطرق فيه مقال، وقوله أيضا إشارة إلى أنه كما اعتبر التعدد الكثير في الوجه السابق يعتبر هنا كذلك وإن كان التعدد هنا باعتبار اختلاف في الحركة نفسها، وهنالك باعتبار اختلاف بين الحركة وغيرها، وإنما