مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

شرح المغربي لمقدمة السعد على تلخيص المفتاح

صفحة 84 - الجزء 1

  الرؤية ووصف السائلين بالكثرة والفضل والذكاء تأكيد موجب الامتثال حيث كان السؤال ممن هو بهذا الوصف مع مباشرتهم ووصولهم للمسئول، ولم يكن بالمراسلة، ولا من غيرهم ثم بين الحامل لهم على السؤال بقوله: سألونى ذلك (لما شاهدوا من أن المحصلين) أى: الذين حصلوا غير هذا الشرح أو من شأنهم التحصيل (قد تقاصرت) أى قصرت إذ ليس المراد أنهم قدروا لكن تقاصروا أى: استعملوا القصور (هممهم) أى عزائمهم (عن استطلاع طوالع) أى لم تبلغ عزائمهم أن يستطلعوا طوالع (أنواره) أى: علوم ذلك الشرح التى هى كالأنوار الحقيقية الطالعة، فإذا كان المحصلون فى هذه الحالة بالنسبة لذلك الشرح فما ظنك بغيرهم! ولا منافاة بين الاستطلاع والطوالع؛ لأن تلك الطوالع باعتبارهم غائبة فى لطافتها تحتاج إلى استطلاع أى إلى طلب طلوعها أو إلى إطلاعها بناء على أن السين والتاء للطلب أو التعدية (وتقاعدت عزائمهم) هو بمعنى تقاصرت هممهم (عن استكشاف) أى: إظهار (خبيئات أسراره) أى: لطائف علومه المخبآت فى لطفها فاحتاجت إلى استكشاف فهو بمعنى استطلاع طوالع أنواره (و) لما شاهدوا أيضا من (أن المنتحلين) أى: الآخذين لكلام غيرهم مظهرين أنه لهم (قد قلبوا أحداق الأخذ والانتهاب) شبه الآخذ لكلام الغير ظلما، وهو الانتهاب بإنسان غاصب بجامع ملابسة التعدى فيما هو للغير، فأضمر التشبيه فى النفس استعارة بالكناية، وذكر تقليب الأحداق تخييلا؛ لأن تقليب الحدقة من لوازم المشبه به، وبالحدقة يتكمل أو يتقوم وجه الشبه إذ بالنظر يحصل التعدى فى الأخذ؛ ويحتمل أن تكون إضافة الأحداق إلى الأخذ لمجرد الملابسة، أى: قلبوا أحداقهم للأخذ فيكون الكلام كناية عن الاعتناء بالأخذ فتقليهم أحداق الأخذ عبارة عن اعتنائهم بذلك الأخذ (و) إن المنتحلين (مدوا أعناق المسخ على ذلك الكتاب) شبه أيضا أخذهم الذى هو كالمسخ، وهو تبديل صورة بأقبح منها بإنسان مفسد يضع الأشياء فى غير مواضعها بجامع التلبس بالإفساد، وعبر عن الأخذ بالمسخ مجازا للإشارة إلى أن المعنى المنقول بعبارتهم يكون فى تلك العبارة التى هى كالصورة له أقبح منه فى عبارة الكتاب، ولما شبهه كذلك أضمر التشبيه فى النفس كناية، وأضاف إليها الإعتاق تخييلا، فالمسخ على هذا قد اجتمع فيه كونه