مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

أداة التشبيه

صفحة 160 - الجزء 2

  ألمت بنا أم كان فى الركب يوشع

  أو شعر كما فى قوله:

  لعمرو مع الرمضاء والنار تلتظى

  على ما سيأتى بيان ذلك - إن شاء الله تعالى - ومن سوى بينهما وجعل قوله: هو حاتم إشارة إلى قصة حاتم، فقد وهم؛ لأن حاتما لا يشعر بقصة، وإنما يشعر بالجواد الذى هو كاللازم له الذى قصد ليجعل وجه الشبه هنا، وتبين أيضا بما قررنا أن وجه الشبه فى هذا التشبيه هو الوجه الرافع للتضاد الموجب للمناسبة، لا نفس التضاد المشترك للضدين، فإنا إذا قلنا: هذا - مشيرين إلى جبان - كالأسد، وقصدنا أن الذى كان فى وصفيهما لم يفد تمليحا ولا تهكما، بل بمنزلة قولنا: البياض كالسواد فى تقابلهما وتضادهما وجه التضاد أو فى اللونية الكائنة فيهما، والكلام هنا فيما يفيد تمليحا أو تهكما؛ وإنما يفيده إذا قصد أن يكون الوجه هو الأمر الذى تقتضيه المناسبة الرافع للضدية وهو الشجاعة فى المثال حتى إنا لو صرحنا به لقلنا فى الشجاعة، وكذا إذا قلنا فى بخيل هو كحاتم، وإنما نجعل الوجه هو الكرم لا الاتصاف بضد ما فى كل، ولكن لما كان الحاصل فى نفس الأمر فى المشبهين ضد ما ذكر؛ لأن الحاصل فى المشبه فى الأول الجبن وفى الثانى البخل نزلنا التضاد بين الوصفين كالمناسبة والمماثلة على ما قررنا آنفا، فتوصلنا بذلك إلى جعل الحاصل فى المشبه هو الشجاعة فى الأول والكرم فى الثانى على وجه التمليح بإظهار المقصود فى نقيضه أو التهكم بإعطاء الأذى فى عكسه، ومن جعل الوجه هنا هو التضاد المشترك فيه حقيقة فقدسها لما ذكرنا؛ ولأنه لا معنى حينئذ لكون الوجه منتزعا من التضاد، إذ هو نفس التضاد، ولا معنى لانتزاع الشيء من نفسه، فليفهم.

أداة التشبيه

  ولما فرغ من ثلاثة أركان التشبيه شرع فى الرابع منها، وهو أداته فقال: (وأداته)، أى: وآلة التشبيه الدالة عليه (هى الكاف)، وهى الأصل لبساطتها (وكأن) قيل: هى بسيطة، وقيل: إنها مركبة من الكاف ومن أن المشددة، والأقرب الأول لجمود الحروف مع وقوعها فيما لا يصح فيه التأويل بالمصدر المناسب لأن المفتوحة، وإن كان الثانى أشبه بحسب ما يبدو من صورة كأن، وإذا دخلت الكاف على أن فصل بينها