مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

أداة التشبيه

صفحة 161 - الجزء 2

  وبينها بما، فيقال مثلا: زيد قائم كما أن عمرا قائم لئلا يقع اللبس بينها وبين كأن التى هى من أخوات إن، وكأن هذه قيل: إنها تكون مع الخبر المشتق للشك وتكون مع غيره للتشبيه على أصلها، فإذا قلت: كأن زيدا أسد فهو لتشبيه زيد بالأسد، وإذا قلت: كأن زيدا قائم فالمعنى على أنك تشك فى قيامه؛ لأن قائم صادق على زيد، وهو نفسه خارجا، ولا معنى لتشبيه الشيء بنفسه، وقيل: إنها فى مثل ذلك للتشبيه أيضا بتقدير موصوف، أى: كأن زيدا شخص قائم، ولما استغنى عن الموصوف روعى فى الخبر الذى هو وصف فى الأصل ما يناسب اسم كأن لجريانه عليه بحسب الظاهر؛ ولذلك إذا اتصل به الضمير روعى فيه الاسم فيقال: كأنك قمت وكأن زيدا قام ولا يخفى ما فى هذا التقدير من التكلف المخرج للكلام عما يفهم منه بداهة، وأيضا إن أريد بالشخص نفس زيد كان من تشبيه الشيء بنفسه كما قال ذلك القائل، وإن أريد شخص آخر لم يفد وصف زيد بالقيام، لا على وجه الشك ولا على وجه آخر بمنزلة ما لو قلت: كأن زيدا عمرو الواقف فإنه لا يفيد إلا أن زيدا يشبه عمرا الموصوف بالقيام، ويحتمل أن يشبهه فى حال جلوسه لطول قامته، والكلام لا يراد به إلا وصف زيد بالقيام من غير تحقق، فالحق أن كأن تكون للظن القريب من الشك فى المشتق، بل وفى الجامد كقولك: كأن زيدا أخوك، وكأنه قائم، وهذا المعنى كثير وروده فى كلام المولدين.

  (و) من جملة أداة التشبيه لفظ (مثل) كقولك: زيد مثل عمرو (وما فى معناه)، أى: معنى مثل مما يشتق من المماثلة، وما يؤدى هذا المعنى كالمضاهاة والمحاكاة ونحو ذلك كقولك: زيد يضاهى، أو يشبه، أو يحاكى، أو يماثل، أو مضاه، أو مشبه، أو محاك عمرا فكل ذلك يفيد التشبيه، والمتبادر أن هذه المشتقات إنما تفيد الإخبار بمعناها.

  فقولك: زيد يشبه عمرا إخبار بالمشابهة كقولك: زيد يقوم، فإنه إخبار بالقيام، وليس هنا أداة داخلة على المشبه به، ومثل هذا يلزم فى لفظ مثل فعدها من الأداة لا يخلو من تسامح، (والأصل)، أى: الكثير الشائع (فى نحو الكاف) أى: الأصل فيما هو مثل: الكاف مما يدخل على المفرد كلفظ مثل، ونحو، وشبه، ومشابه، ومماثل، ونحو ذلك