مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

شرح المغربي لمقدمة السعد على تلخيص المفتاح

صفحة 88 - الجزء 1

  يمنعه حسدهم مع صبره على نسبتهم ماله لأنفسهم يعنى فلا يكون ذلك حاملا على التأليف، وفى الكلام تعيير الآخذين وتقبيح لشأنهم بالنسبة إلى أنفسهم، ولو كان بالنسبة إلى المأخوذ منه رفعة له (ثم ما زادتهم مدافعتى) بترك إجابتهم (إلا شغفا) أى حبا شديدا (وغراما) أى: ولوعا بالمطلوب (وظمأ) أى عطشا بمعنى رغبة فى مطلوبهم (فى هواجر الطلب) شبه الطلب بزمن به هواجر جمع هاجرة، وهى وقت اشتداد الحر بجامع كون كل منهما مظنة للاشتمال على ما يطلب دفعه، فأضمر التشبيه استعارة بالكناية، وذكر الهواجر تخييلا (وأواما) بضم الهمزة، وهو العطش (ف) لما رأيت ازدياد شغفهم رحمتهم ف (انتصبت) أى: قمت وانتدبت (لشرح الكتاب) شرحا كائنا (على وفق مقترحهم) بأن يكون على الحالة التى يطلبون من الاختصار والاقتراح طلب من غير روية، وهو مما يدل على كمال الرغبة (ثانيا) نعت للشرح المقدر بعد نعته بالمجرور، أى: شرحا ثانيا، ويحتمل أن يكون ظرفا أى: شرحا كائنا فى زمن ثان باعتبار الأول، ويحتمل على بعد أن يكون حالا من ضمير انتصبت ويكون بمعنى جاعلا الشرح ثانيا، وفيه تجوز فى تعديته ثانيا إلى الشرح بتضمينه للفعل المتعدى جاعلا، وإنما قلنا ذلك؛ لأنه إنما يقال: ثنيته صرت له ثانيا لا جعلت له شيئا آخر ثانيا، وعلى هذا الاحتمال المستبعد يكون لفظ ثانيا فى قوله (ولعنان العناية نحو اختصاره ثانيا) معطوفا على ثانيا الأول؛ لأنهما حالان معا حينئذ، وعلى الاحتمالين الأولين يجب إسقاط الواو لعدم ظهور ما يعطف عليه، وقوله لعنان متعلق بثانيا الثاني، وهو من ثنيت الفرس بالعنان صرفته به، وقد شبه العناية التى هى شدة الاهتمام بالشيء فى التوصل إلى المرغوب بالفرس كناية فذكر صرف العنان تخييلا، ونحو الاختصار جهته، وأراد بالجهة اشتغاله به ثم شكا مما صاحب هذا الانتصاب مما ينافى حصول المراد فقال: (مع جمود القريحة) أى: الطبيعة العقلية، وجمودها عدم انبساطها فى المدارك، وهو مستعار من جمود الماء فى قلة الانتفاع إلا بعد التكلف، وأصل القريحة أول ما يستنبط من البئر، ثم استعير لأول مستنبط من العلم لملابسة كل منهما الحياة؛ لأن العلم سبب حياة الروح، والماء سبب