مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

التشبيه غير التمثيلى

صفحة 198 - الجزء 2

  الأذهان والأوهام، والهيئة فى المركب من حيث إنها هيئة اعتبارية محضة، كما يؤخذ مما حررنا فيما مضى، فيجب أن يراد بكونها حسية هنا تعلقها بالمحسوس كهى فى بيت بشار - كما أشرنا إليه فيما تقدم، ويراد بالوهمى هنا ما تعلق بمعقول مطلقا لا ما تعلق بالاعتبارات المحضة؛ لأن ما مثلوا به للوهمى ليس كذلك كما لا يخفى، ولذلك فسرنا الحقيقى بالحسى هنا، وقد تقدم التمثيل بهذا الوجه، أعنى حرمان الانتفاع بأبلغ نافع إلى آخره للعقلى، فعلى تقييد السكاكى لا يكون من التمثيل تشبيه الثريا بالعنقود بناء على دخوله فى كلام المصنف، كما لا يدخل فيه بيت بشار، فقول المصنف:

التشبيه غير التمثيلى

  (وإما غير تمثيلى وهو بخلافه) يكون معناه بالنسبة إلى مذهب الجمهور أن غير التمثيل هو ما كان بخلافه، بأن لا يكون منتزعا من متعدد، بل مفرد محض فلا يخرج عنه إلا نحو تشبيه العلم بالنور، والخد بالورد، ويكون معناه بالنسبة إلى مذهب السكاكى وغير التمثيل هو ما كان بخلافه، بأن لا ينتزع من متعدد كالمثالين، أو من متعدد لكنه حسى كما فى بيت بشار، وقد ظهر بذلك أن التمثيل عند الجمهور أعم مطلقا منه عند السكاكى، ثم أشار إلى التقسيم الثانى فى التشبيه بالنسبة إلى الوجه، فقال: (و) نعود (أيضا) إلى تقسيم آخر باعتبار الوجه، فنقول التشبيه باعتباره أيضا:

التشبيه المجمل

  (إما مجمل و) ليس المراد بالمجمل هنا ما يحتمل شيئين أو أشياء على التساوى، بل المراد (هو ما) أى: التشبيه الذى (لم يذكر وجهه) فهو من الإجمال، الذى هو عدم ذكر الشيء صريحا ولو فهم معنى، ثم هذا المجمل أقسام، (فمنه) أى: فمن ذلك المجمل (ظاهر) أى: ما هو ظاهر الوجه، فنسب الظهور إليه تجوزا؛ لأن هذا التقسيم باعتبار الوجه الملابس له، ويحتمل أن يكون وصفا للوجه على الأصل أى: فمن الوجه الذى لم يذكر وباعتبار عدم ذكره يسمى التشبيه مجملا ما هو ظاهر (يفهمه كل أحد) ممن له دخل فى استعمال التشبيه، سواء كان عاما فى المستعملين، أو خاصا، وذلك (مثل) قول القائل: (زيد كالأسد)، فإن كل أحد ممن يفهم معنى هذا الكلام يدرك أن وجه الشبه