مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

شرح المغربي لمقدمة السعد على تلخيص المفتاح

صفحة 91 - الجزء 1

  ذلك فى بابه إن شاء الله تعالى، وإضافته إلى (المآرب) إيماء إلى وجه الشبه، وهذا الكلام مقتبس من قوله تعالى {وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ}⁣(⁣١) ثم أبدل من المكان الذى هو مدين المآرب قوله (حضرة) أى: مكان (من أنام الأنام) أى: جعل الخلق نائمين (فى ظل الأمان) أى: فى الأمان الذى هو كالظل فى وجود الراحة فيه، وهذا تخلص لمدح صاحب مكانه ووقته.

  (وأفاض عليهم سجال العدل والإحسان) شبه حال الملك فى نفعه العام وكثرة عدله بالسجال جمع سجل، وهو الدلو فيه الماء بجامع عموم النفع للطالبين مطلقا، فاستعمل فيه ما استعمل فى الأول بساق مثلا، وذكر العدل تجريد فى التثميل (ورد بسياسته) وحسن تدبيره (الغرار) بكسر الغين، وهو النوم (إلى الأجفان) أى: العيون وهذا كناية عن كثرة العافية التى يكون معها النوم المفقود فى وقت الشر الكائن قبل الممدوح (وسد بهيبته) أى: بمخافة غيره له (دون يأجوج الفتنة) أى: دون الفتنة التى هى فى كثرتها وفسادها كيأجوج (طرق العدوان) مفعول سد، وسده طرق العدوان بقهره أهل العدوان، فسد طرقه عبارة عن قطع أسبابه؛ لأن سد الطريق يستلزم قطع ما يأتى من قبله فهو مجاز مرسل، ويحتمل غير ذلك (وأعاد رميم الفضائل منشورا) شبه الفضائل جمع فضيلة وهو ما يمدح به الإنسان من الأخلاق بالموتى فى ذهابها واضمحلالها منذ أزمان كناية فنسب إليها العظام الرميمة، وهى البوالى تخييلا ونسب إلى الممدوح أنه أعادها منشورة، أى: مبعوثة بعد موتها (ووقع بأقلام الخطيات) أى: كتب بالخطيات، وهى الرماح التى هى فى التأثير فى ذى صفح كالأقلام (على صحائف الصفائح⁣(⁣٢) لنصرة الأنام) أى: كتب على الصفائح، وهى السيوف العراض التى هى للتأثر بالخطيات كالصحائف القرطاسية للتأثر بالأقلام (منثورا) أى: أثر تأثيرا ككتابة كلام منثور، فإضافة الأقلام والصحائف لما بعدهما من إضافة المشبه به إلى المشبه، وفى قوله وقع استعارة تبعية حيث أطلق التوقيع فيه، وهو فى العرف الكتب على تأثير


(١) القصص: ٢٢.

(٢) بين الصحائف والصفائح جناس ناقص.