وإذا المنية أنشبت أظفارها
  أحدهما: أن ما ذكر في الاستدلال على أن أسدا في قولنا: زيد أسد استعمل في غير معناه الأصلي ثم حمل على زيد ليكون استعارة؛ وهو تعلق المجرور به لنقله إلى المشتق وهو المجترئ؛ إذ لو بقي على أصله كان جامدا فلا يصح التعلق به - يرد عليه أن الأسد استعمل في مفهوم المجترئ على أن يكون المجترئ هو المشبه كما هو ظاهر العبارة، فهو فاسد كما تقدم، لأن المستعار له هو الطرف المشبه، والمجترئ وجه شبه، ولا يدخل في الطرف حيث لا يكون داخلا في المفهوم كما هنا، وإلا طلب وجه آخر لصحة التشبيه فتتبعه الاستعارة، ولا وجه سوى الاجتراء، وإذا بطل التشبيه على هذا الاعتبار بطلت الاستعارة المبنية عليه وإن استعمل في مصدوقه لم يتعلق به المجرور إلا باعتبار وصفه التابع المدلول عليه بالالتزام، فحينئذ يصح التعلق إذا أريد به المعنى الأصلي لوجود الوصف فيه بالتبع أيضا، لا يقال: أي مانع من أن يعتبر الوجه ثالثا للطرفين في التشبيه، ثم يستعار لفظ المشبه به إلى المشبه مع الوصف، فلا يقال: فهم الوصف بطريق اللزوم؛ لأنا نقول: هو خلاف ما صرحوا به من أن المنقول له هو الطرف من غير إدخال الوصف في الدلالة إلا على طريق اللزوم أو التبع؛ حيث يكون داخلا في مفهوم الطرفين، وأيضا إن نقل اللفظ إلى مفهوم الوصف من غير رعاية الموصوف لزم كونه هو المشبه؛ وهو فاسد، وإن نقل له مع الموصوف كما فرض في البحث لم يصح التعلق بالمجموع لمجرد الطرف، وإنما يصح التعلق حينئذ باعتبار يضمن الوصف، والأسد في الوصف يتضمنه، أو يدل عليه بطريق اللزوم الواضح فيصح التعلق به أيضا. وقد يجاب عن هذا بأن المراد بالتعلق التعلق المعنوي لا النحوي؛ بمعنى أن المجرور إنما يناسب المشبه لا المشبه به، فإن قوله: أسد علي لا يصح فيه أنه هو الأسد الحقيقي الذي كان مجترئا علي، بل المعنى: أنه إنسان مجترئ علي.
  وثانيهما: أن هذا الاستدلال يفيد أن نحو: زيد أسد يختار فيه كونه استعارة لا تشبيها بليغا، وقد بين ذلك بأن الأداة إن قدرت لم توجد المبالغة، وإن لم تقدر فقد وجد نقل اللفظ إلى معنى آخر تحقيقا لحق المبالغة فيقال: هب أن فيه المبالغة فلا يقتضي