الباب الثالث في أحوال المسند إليه
  وقد جاء لعموم النفي قليلا: نحو قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ}[لقمان: ١٨] ودليل ذلك: الذوق والاستعمال.
  ٧ - إفادة التخصيص قطعا(١) إذا كان المسند إليه مسبوقا بنفي، والمسند فعلا نحو: ما أنا قلت هذا، أي: لم أقله، وهو مقول لغيري. ولذا لا يصحّ أن يقال: ما أنا قلت هذا ولا غيري، لأن مفهوم: ما أنا قلت، أنّه مقول للغير، ومنطوق: ولا غيري كونه غير مقول للغير فيحصل التناقض سلبا وإيجابا.
  وإذا لم يسبق المسند إليه نفي كان تقديمه محتملا(٢) لتخصيص الحكم به أو تقويته، إذا كان المسند فعلا(٣) نحو: أنت لا تبخل. ونحو: هو يهب الألوف، فإنّ فيه الإسناد مرتين. إسناد الفعل إلى ضمير المخاطب: في المثال الأول. وإسناد الجملة إلى ضمير الغائب: في المثال الثاني.
  ٨ - مراعاة الترتيب الوجودي: نحو: {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ}[البقرة: ٢٥٥].
(١). وذلك يكون في ثلاثة مواضع.
الأول: أن يكون المسند إليه معرفة ظاهرة بعد نفي، نحو: ما فؤاد فعل هذا.
الثاني: أن يكون المسند إليه معرفة مضمرة بعد نفي، نحو: ما أنا قلت ذلك.
الثالث: أن يكون المسند إليه نكرة بعد نفي، نحو: ما تلميذ حفظ الدرس.
(٢). وذلك في ستة مواضع:
الأول: أن يكون المسند إليه معرفة ظاهرة قبل نفي، نحو فؤاد ما قال هذا.
الثاني: أن يكون المسند إليه معرفة ظاهرة مثبته، نحو عباس أمر بهذا.
الثالث: أن يكون المسند إليه معرفة مضمرة قبل نفي، نحو أنا ما كتبت الدرس.
الرابع: أن يكون المسند إليه معرفة مضمرة مثبتة، نحو أنا حفظت درسي.
الخامس: أن يكون المسند إليه نكرة قبل نفي، نحو رجل ما قال هذا.
السادس: أن يكون المسند إليه نكرة مثبتة، نحو تلميذ حضر اليوم في المدرسة. واعلم أن ما ذكرناه هو مذهب عبد القاهر الجرجاني وهو الحق، وخالفه السكاكي.
(٣). فإن قيل: لماذا اشترط أن يكون المسند فعلا، وهل إذا كان المسند وصفا مشتملا على ضمير، نحو: أنت بخيل، لم يكن كالفعل في إفادة التقوية؟