جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع،

أحمد الهاشمي (المتوفى: 1362 هـ)

المبحث الثاني في الإطناب وأقسامه

صفحة 183 - الجزء 1

  والحشو: كقول: زهير بن أبي سلمى. [الطويل]

  وأعلم علم اليوم والأمس قبله ... ولكنّني عن علم ما في غد عمي⁣(⁣١)

  وكل من الحشو والتطويل معيب في البيان، وكلاهما بمعزل عن مراتب البلاغة.

  واعلم أن دواعي الإطناب كثيرة، منها تثبت المعنى، وتوضيح المراد والتوكيد، ودفع الإيهام، وإثارة الحمية وغير ذلك.

  وأنواع الإطناب كثيرة⁣(⁣٢)

  ١ - منها: ذكر الخاص بعد العام: كقوله تعالى: {حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى}⁣[البقرة: ٢٣٨] وفائدته التنبيه على مزية: وفضل في الخاص حتى كأنه لفضله ورفعته، جزء آخر، مغاير لما قبله. ولهذا خص الصلاة الوسطى (وهي العصر) بالذكر لزيادة فضلها.

  ٢ - ومنها: ذكر العام بعد الخاص، كقوله تعالى: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ}⁣[نوح: ٢٨](⁣٣) وفائدته شمول بقية الأفراد والاهتمام بالخاص لذكره ثانيا في عنوان عام بعد ذكره أولا في عنوان خاص.

  ٣ - ومنها: الإيضاح بعد الإبهام، لتقرير المعنى في ذهن السامع بذكره مرتين، مرة على سبيل الإبهام والإجمال، ومرة على سبيل التفصيل والإيضاح، فيزيده ذلك نبلا وشرفا كقوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ}⁣[الصف: ١٠، ١١]، وكقوله تعالى:

  {وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ}⁣[الحجر: ٦٦]. فقوله إن دابر


(١). الشاهد في قوله، قبله، لأنه معلوم من قوله أمس، وكقول الآخر: [مجزوء الوافر]

ذكرت أخي فعاودني ... صداع الرأس والوصب

فإن الصداع لا يكون إلا في الرأس، فذكر الرأس لا فائدة فيه.

(٢). ومنها الحروف الزائدة. وتكثير الجمل، نحو {فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ}.

(٣). من دعاء سيدنا نوح # لنفسه ولوالديه وللمؤمنين.