جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع،

أحمد الهاشمي (المتوفى: 1362 هـ)

المبحث الرابع في تقسيم التشبيه باعتبار وجه الشبه

صفحة 207 - الجزء 1

  خليل كحاتم، ونحو: له سيرة كالمسك، وأخلاقه كالعنبر. واشتراك الطرفين قد يكون ادعائيا بتنزيل التضاد منزلة التناسب وإبراز الخسيس في صورة الشريف تهكما أو تمليحا ويظهر ذلك من المقام.


= وكلا الطرفين مركب أولهما من البدر والسماء، والثاني من الدرهم والديباجة.

وقد يكون مختلف الطرفين كقوله: [الكامل]

وحدائق لبس الشقيق نباتها ... كالأرجوان منقطا بالعنبر

فإن وجه الشبه هو الهيئة الحاصلة من انبساط رقعة حمراء قد نقطت بالسواد منثورا عليها. والمشبه مفرد وهو الشقيق. والمشبه به مركب من الأرجوان والعنبر. وكقوله: [الكامل]

لا تعجبوا من خاله في خده ... كل الشقيق بنقطة سوداء

فإن وجه الشبه فيه هو الهيئة الحاصلة من طلوع نقطة سوداء مستديرة في وسط رقعة حمراء مبسوطة.

والمشبه مركب من الخال والخد، والمشبه به مفرد وهو الشقيق والعقلي من المركب كما في قوله: [البسيط]

المستجير بعمرو عند كربته ... كالمستجير من الرمضاء بالنار

فإن وجه الشبه فيه هو الهيئة الحاصلة من الالتجاء من الضار إلى ما هو أضر منه طمعا في الانتفاع به، ووجه الشبه مركب من هذه المتعددات في الجميع، والرمضاء الأرض التي أسخنتها حرارة الشمس الشديدة.

والمراد. «بعمرو» هنا هو جساس بن مرة البكري، يقال إنه لما رمى كليب بن ربيعة التغلبي وقف على رأسه فقال له: «يا عمرو» أغثني بشربة ماء، فأتم قتله: وأما المتعدد، فالحسي منه كما في قوله: [المجتث]

مهفهف وجنتاه ... كالخمر لونا وطعما

والعقلي كالنفع والضرر في قوله: [الكامل]

طلق شديد الباس راحته ... كالبحر فيه النفع والضرر

فإن وجه الشبه فيهما متعدد وهو اللون والطعم في الأول، والنفع والضرر في الثاني.

وقد يجئ المتعدد مختلفا كما في قوله: [الرجز]

هذا أبو الهيجاء في الهيجاء ... كالسيف في الرونق والمضاء

فإن وجه الشبه فيه هو الرونق وهو حسي، والمضاء وهو عقلي وأبو الهيجاء لقب عبد اللّه بن حمدان العدوي.

واعلم أن الحسي لا يكون طرفاه إلا حسيين، وأما العقلي: فلا يلزمه كونها عقليين، لأن الحسي يدرك بالفعل، خلافا لعقلي فإنه لا يدرك بالحس.