المبحث السادس في الاستعارة باعتبار الطرفين
  والمكنية كقوله تعالى: {كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ}[إبراهيم: ١](١).
  وكقوله تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ}[الإسراء: ٢٤](٢).
  وسميت أصلية: لعدم بنائها على تشبيه تابع لتشبيه آخر معتبر أولا.
  ٢ - وإذا كان اللفظ المستعار فعلا(٣) أو اسم فعل، أو اسما مشتقا، أو اسما مبهما أو حرفا
(١). يقال في إجراء الاستعارة في الآية الأولى، شبهت الضلالة بالظلمة، بجامع عدم الاهتداء في كل، واستعير اللفظ الدال على المشبه به، وهو الظلمة، للمشبه وهو الضلالة، على الاستعارة التصريحية الأصلية.
(٢). ويقال في إجرا الاستعارة في الآية الثانية، شبه الذل بطائر، واستعير لفظ المشبه به وهو الطائر، للمشبه وهو الذل، على طريق الاستعارة المكنية الأصلية ثم حذف الطائر. ورمز إليه بشيء من لوازمه وهو الجناح.
(٣). مثال الاستعارة التصريحية في الفعل. نطقت الحال بكذا، وتقريرها أن يقال: شبهت الدلالة الواضحة، بالنطق بجامع إيضاح المعنى في كل. واستعير النطق للدلالة الواضحة، واشتق من النطق بمعنى الدلالة الواضحة نطقت بمعنى دلت على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية ونحو: يحيي الأرض بعد موتها يقدر تشبيه تزيينها بالنبات ذي النضرة، بالإحياء، بجامع الحسن أو النفع في كل، ويستعار الإحياء للتزيين، ويشتق من الإحياء بمعنى التزيين يحيي بمعنى يزين، استعارة تبعية لجريانها في الفعل تبعا لجريانها في المصدر، هذا إذا كانت استعارة في الفعل اعتبار مدلول صيغته، أي «مادته وهو الحدث» وأما إذا كانت باعتبار مدلول «هيئته وهو الزمن» كما في قوله تعالى: {أَتى أَمْرُ اللَّهِ} فتقريرها أن يقال: شبه الإتيان في المستقبل بالاتيان في الماضي، يجامع تحقق الوقوع في كل واستعير الاتيان في الماضي للاتيان في المستقبل واشتق منه أتى بمعنى يأتي، على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية، ونحو: {وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ} أي ينادي، شبه النداء في المستقبل، بالنداء في الماضي، بجامع تحقق الوقوع في كل، استعير لفظ النداء في الماضي للنداء في المستقبل. ثم اشتق منه نادى بمعنى ينادي، ونحو قوله تعالى: {مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا} ان قدر المرقد مستعارا للموت، فالاستعارة أصلية، وإن قدر لمكان الرقاد مستعارا للقبر، فالاستعارة تبعية لأنها في اسم المكان، فلا يستعار المرقد للقبر إلا بعد استعارة الرقاد للموت.
ومثال الاستعارة في اسم الفاعل، لزيد قاتل عمرا، إذا كان عمرو مضروبا ضربا شديدا، ومثالها في اسم المفعول، عمرو مقتول لزيد، إذا كان زيد ضاربا لعمرو ضربا شديدا، وإجراء الاستعارة فيهما أن يقال:
شبه الضرب الشديد بالقتل بجامع شدة الإيذاء في كل، واستعير اسم المشبه به للمشبه واشتق من القتل بمعنى =