الباب الثاني في المجاز
= الضرب الشديد قاتل أو مقتول، بمعنى ضارب أو مضروب، على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية.
ومثالها في الصفة المشبهة، هذا حسن الوجه، مشيرا إلى قبيحة، وإجراء الاستعارة فيه أن يقال، شبه القبح، بالحسن، بجامع تأثر النفس في كل، واستعير الحسن للقبح تقديرا، واشتق من الحسن بمعنى القبح حسن بمعنى قبيح، على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية التهكمية ومثال الاستعارة في أفعل التفضيل، هذا أقتل لعبيده من زيد، أي أشد ضربا لهم منه.
ومثال اسم الزمان والمكان، هذا مقتل زيد، مشيرا إلى مكان ضربه أو زمانه، ومثال اسم الآلة، هذا مفتاح الملك: مشيرا إلى وزيره، واجراؤها أن يقال: شبهت الوزارة، بالفتح للأبواب المغلقة، بجامع التوسل إلى المقصود في كل، واستعير الفتح للوزارة، واشتق منه مفتاح بمعنى وزير.
ومثال اسم الفعل المشتق، نزال بمعنى انزل. تريد به ابعد. فتقول شبهه معنى البعد، بمعنى النزول، بجامع مطلق المفارقة في كل واستعير لفظ النزول لمعنى البعد، واشتق منه نزال بمعنى أبعد، ومثال اسم الفعل غير اشتق «صه» بمعنى اسكت عن الكلام، تريد به اترك فعل كذا، فتقول شبه ترك الفعل، بمعنى السكوت، واستعير لفظ السكوت لمعنى ترك الفعل، واشتق منه اسكت بمعنى اترك الفعل، وعبر بدل اسكت بصه، ومثال المصغر «رجيل» لمتعاطي ما لا يليق، ومثال المنسوب «قرشي» للمتخلق بأخلاق قريش وليس منهم.
ومثال الاستعارة في الحرف قوله تعالى: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً} واجراؤها أن يقال شبهت المحبة والتبني، بالعداوة والحزن اللذين هما العلة الغائية للالتقاط بجامع مطلق الترتيب، واستعيرت اللام من المشبه به للمشبه على طريق الاستعارة التصريحية التبعية. واعلم أن اللام لم تستعمل في معناها الأصلي وهو العلة. لأن علة التقاطهم له أن يكون لهم ابنا، وإنما استعملت مجازا (لعاقبة الالتقاط) وهي كونه لهم عدوا، فاستعيرت العلة للعاقبة، بجامع أن كلا منهما مترتب على الالتقاط. ثم استعيرت اللام تبعا لاستعارتها، فالمستعار منه العلة. والمستعار له العاقبة، والترتب على الالتقاط هو الجامع، والقرينة على المجاز استحالة التقاط الطفل ليكون عدوا، وكقوله تعالى: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} وإجراؤها أن يقال شبه مطلق استعلاء بمطلق ظرفية بجامع التمكن في كل، فسرى التشبيه من الكليين للجزئيات الّتي هي معاني الحروف فاستعير لفظ «في» الموضوع لكل جزئي من جزئيات الظرفية، لمعنى «على» على سبيل الاستعارة =