المبحث الرابع في تقديم متعلقات الفعل
  ولا أن تعقب الفعل المنفي بإثبات ضده، كقولك: ما محمدا ضربت، ولكن أكرمته(١)، وقولك: بمحمد مررت، لمن اعتقد أنك مررت بإنسان وأنه غير محمد، وكذا سائر المعمولات، نحو: يوم الجمعة سرت، وفي المسجد صليت، وماشيا جئت.
  ٢ - التخصيص، وهو لازم للتقديم غالبا بشهادة الإستقراء، وحكم الذوق، ومن ثم قال المفسرون في قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}(٢)، إن المعنى نخصك بالعبادة والإستعانة ولا نعبد غيرك ولا نستعين به، وفي قوله: لإلى الله تحشرون، أي لا الى غيره.
  وفي التقديم فائدة أخرى، وهي الاهتمام بشأن المقدم، ومن ثم قدر المحذوف في: باسم الله مؤخرا، أي باسم الله أفعل كذا، بيانا لاهتمام الموحد بالاسم الكريم وردا على المشركين الذين كانوا يبدءون بأسماء آلهتهم، فيقولون: باسم اللات، أو باسم العزّى.
  ولا يشكل على هذا آية: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} بتقديم الفعل على اسم الله، لأن الأمر بالقراءة في ذلك الموضع أهم، إذ بالقراءة حفظ المقروء عادة، وذلك هو المقصود من الإنزل أو بأن باسم الله متعلق بإقرأ الثاني، ومعنى إقرأ الأول، أوجد القراءة كقولك: فلان يعطي. وإنما قلنا لازم غالبا لأن التقديم قد يكون.
  ٣ - للاهتمام بالمقدم نحو: حسن الخلق لزمت.
  ٤ - التبرك به نحو: محمدا # اتبعت.
  ٥ - الاستلذاذ به نحو: ليلى كلمت.
  ٦ - موافقة كلام السامع نحو: محمدا أكرمت، في جواب: من أكرمت؟
  ٧ - ضرورة الشعر نحو:
  سريع الى ابن العم يلطم وجهه ... وليس الى داعي الندى بسريع
(١) لأن الكلام لم يبن على الخطأ في الفعل وهو الضرب حتى يرد الى الصواب بأنه الاكرام وإنما بني على الخطأ في المضروب حين اعتقد أنه محمد، فرده الى الصواب أن يقال: لكن عليا مثلا.
(٢) سورة الفاتحة الآية ٢.