علوم البلاغة (البيان المعاني البديع)،

أحمد بن مصطفى المراغي (المتوفى: 1371 هـ)

المبحث الثاني في تعريف المسند اليه بالاضمار

صفحة 113 - الجزء 1

  أو مقام خطاب كقول الحماسية:

  وأنت الذي أخلفتني ما وعدتني ... وأشمت بي من كان فيك يلوم

  أو مقام غيبة، ولا بد من تقدم ذكره إما لفظا نحو: {وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ}⁣(⁣١)، وقول أبي تمام:

  بيمن أبي إسحاق طالت يد العلا ... وقامت قناة الدين واشتد كاهله

  هو البحر من أي النواحي أتيته ... فلجّته المعروف والبحر ساحله

  وإما معنى لدلالة لفظ عليه، نحو: {وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكى لَكُمْ}⁣(⁣٢) لما في ارجعوا من معنى الرجوع، أو لقرينة حال كقوله تعالى: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ}⁣(⁣٣)، أي ولأبوي الميت، وإما حكما كما في باب رب نحو ربه فتي، وباب ضمير الشأن نحو: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}⁣(⁣٤).

  والأصل في الخطاب أن يكون لمشاهد معين نحو: أنت استرققتني بإحسانك، وقد يخاطب:

  ١ - غير المشاهد اذا كان مستحضرا في القلب كأنه نصب العين، كما في: إياك نعبد.

  ٢ - غير المعين ليعم كل من يمكن خطابه على سبيل البدل لا على طريق التناول دفعة واحدة، كما تقول: فلان لئيم إن أحسنت اليه أساء اليك، فلا يراد في مثله مخاطب معين، بل يراد أن سوء معاملته، غير مختص بواحد دون آخر. وعليه قول المتنبي:

  إذا أنت أكرمت الكريم ملكته ... وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا

  وقوله تعالى: {وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ}⁣(⁣٥) أخرج الكلام في صورة الخطاب، مع إرادة العموم، تنبيها الى تقطيع حالهم،


(١) سورة يونس الآية ١٠٩.

(٢) سورة النور الآية ٢٨.

(٣) سورة النساء الآية ١١.

(٤) سورة يوسف الآية ٩٠.

(٥) سورة السجدة الآية ١٢.