المبحث السادس في تعريف المسند اليه باللام
  ٢ - لام العهد الكنائي: هي ما يتقدم ذكرها كناية، أي مبهما، تعينه القرائن، كقوله تعالى: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى}(١) فالذكر، وإن لم يتقدم صريحا، قد استفيد من (ما) في قولها: {رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً}(٢) إذ التحرير وهو العتق لخدمة بيت المقدس لم يكن إلا للذكور فهو المعنى ب (ما) في كلامها.
  ٣ - لام العهد العلمي: هي ما علم مدخولها عند المخاطب سواء أكان حاضرا أم لا، نحو: {إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ}(٣) {إِذْ هُما فِي الْغارِ} أي الشجرة والغار المعهودين لك، وكما تشير الى حاضر، وتقول: هذا الخطيب تكلم فأحسن الكلام.
  ٤ - لام الحقيقة: هي ما يشار بها الى الحقيقة، بقطع النظر عن عمومها، وخصوصها، وتسمى لام الجنس، كقولهم: أهلك الناس الدينار والدرهم، وشربت الماء. وقول أبي العلاء:
  والخل كالماء يبدي لي ضمائره ... مع الصفاء ويخفيها مع الكدر
  وعليه من غير هذا الباب قوله تعالى: {وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ}(٤) إذ المراد: جعلنا مبدأ كل شيء حي هذا الجنس وهو الماء.
  ٥ - لام الحقيقة في ضمن فرد مبهم: إذا قامت القرينة على ذلك، وتسمى لام العهد الذهني، كنا في قوله تعالى: {أَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ}(٥) ومدخولها في المعنى كالنكرة فيعامل معاملتها فيوصف بالجملة، كما توصف النكرة، كقول عميرة بن جابر الحنفي:
  ولقد أمرّ على اللئيم يسبني ... فمضيت ثمت قلت لا يعنيني
  أما في اللفظ فتجري عليه أحكام المعارف من وقوعه مبتدأ وذا حال ووصفا للمعرفة وموصوفا بها، وإنما لم تقل نكرة لما بينهما من التفاوت إذ النكرة معناها
(١) سورة آل عمران الآية ٣٦.
(٢) سورة آل عمران الآية ٣٥.
(٣) سورة الفتح الآية ٢٨.
(٤) سورة الأنبياء الآية ٣٠.
(٥) سورة يوسف الآية ١٣.