الباب التاسع في الخروج عن مقتضى الظاهر
  الالتفات: وهو فن من البلاغة، ملاكه الذوق السليم، والوجدان الصادق، ويلقب (بشجاعة العربية) لأن فيه ورود الموارد الصعبة واقتحام مضايق الأساليب.
  وحقيقته التعبير عن معنى بطريق من الطرق الثلاثة: التكلم، والخطاب، والغيبة، بعد التعبير عنه بطريق آخر منها، وذلك ست صور:
  ١ - فمن التكلم الى الخطاب نحو: {وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}(١) دون (أرجع).
  ٢ - ومن التكلم الى الغيبة نحو: {إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ ١ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}(٢) دون (لنا).
  ٣ - ومن الخطاب الى التكلم نحو قول علقمة بن عبدة العجلي:
  طحا بك قلب في الحسان طروب ... بعيد الشباب عصر حان مشيب(٣)
  تكلفني ليلى وقد شط وليها ... وعادت عواد بيننا وخطوب
  وكان مقتضى الظاهر يكلفك أي القلب.
  ٤ - ومن الخطاب الى الغيبة نحو: {حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ}(٤) دون (بكم).
  ٥ - ومن الغيبة الى التكلم نحو: {وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ}(٥) دون (فساقه).
  ٦ - ومن الغيبة الى الخطاب نحو: {مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ}(٦) دون (إياه).
(١) سورة يس الاية ٢٢.
(٢) سورة الكوثر الايتان ١ و ٢.
(٣) طحا ذهب، وبعيد تصغير بعد، وحان قرب، والولي القرب، وفاعل يكلف القلب، أي يطالبني القلب بوصل ليلى.
(٤) سورة يونس الاية ٢٢.
(٥) سورة فاطر الاية ٩.
(٦) سورة الفاتحة الاية ٣.