الباب التاسع في الخروج عن مقتضى الظاهر
  (٥) التنبيه على سرعة الامتثال، ولو ادعاء، نحو: {وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ}(١) مكان: لا تسفكوا، مبالغة في النهي بادعاء أنهم نهوا فامتثلوا، ثم أخبروا.
  (٦) حمل المخاطب على الفعل بألطف أسلوب، كقولك لرجل لا تحب أن يكذبك: تجيء غدا، مكان قولك: جيء، لتحمله على المجيء لأنه إن لم يأت غدا صرت كاذبا من حيث الظاهر(٢) لكون كلامك في صورة الخبر.
  يوضع الإنشاء موضع الخبر لاعتبارات، منها:
  ١ - إظهار العناية بالشيء والاهتمام به، نحو: {قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}(٣) لم يقل: وإقامة وجوهكم، إشعار بالعناية بالصلاة لعظيم خطرها وجليل قدرها في الدين.
  ٢ - التباعد عن مساواة اللاحق بالسابق، نحو: {قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِهِ}(٤) لم يقل: وأشهدكم، تحاشيا عن مساواة شهادتهم بشهادة الله تعالى.
  ٣ - الرضا بما هو حاصل كأنه مطلوب في قوله #: «من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار» مكان يتبوأ.
  الانتقال من الماضي الى المضارع، أو بالعكس:
  (١) فالأول نحو: {وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ}(٥) جاء تثير، بدل أثارت، لتستحضر تلك الصورة الماضية، حتى كأن الإنسان يشاهد اثارة الريح للسحاب، فيستدل من ذلك على عجيب قدرته، وباهر حكمته.
(١) سورة البقرة الآية ٨٤.
(٢) أما في الحقيقة فلا كذب، لأنه كلام في معنى الإنشاء.
(٣) سورة الأعراف الآية ٢٩.
(٤) سورة هود الآية ٥٤.
(٥) سورة الروم الآية ٤٨.