علوم البلاغة (البيان المعاني البديع)،

أحمد بن مصطفى المراغي (المتوفى: 1371 هـ)

الباب الحادي عشر في الفصل والوصل وفيه تمهيد وخمسة مباحث

صفحة 169 - الجزء 1

  هذا الخفاء، نحو: {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى}⁣(⁣١)، وقوله تعالى: {يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ}⁣(⁣٢). وعليه قول الشاعر:

  كفى زاجرا للمرء أيام دهره ... تروح له بالواعظات وتغتذى

  ٢ - كمال الانقطاع، وهو أن يكون بين الجملتين تباين تام دون إيهام خلاف المراد، وتحت هذا نوعان:

  (أ) أن تختلفا خبرا وإنشاء لفظا ومعنى نحو قوله تعالى: {وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}⁣(⁣٣)، وقوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ٥ اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ}⁣(⁣٤)، وقول الشاعر:

  لا تسأل المرء عن خلائقه ... في وجهه شاهد من الخبر

  أو تختلفا معنى فقط، نحو قولك: نجح فلان وفقه الله، وقول الشاعر:

  جزى الله الشدائد كل خير ... عرفت بها عدوي من صديقي

  (ب) ألا تكون بينهما مناسبة في المعنى، ولا ارتباط بين المسند اليه فيهما، ولا بين المسند، نحو قوله:

  إنما المرء بأصغريه ... كل امريء رهن بما لديه

  ٣ - شبه كمال الاتصال، وهو أن تكون الجملة السابقة كالمورد للسؤال أو المنشأ له، فتفصل الثانية عنها كما يفصل الجواب عن السؤال، ويسمى الفصل لذلك استئنافا، وهو على ثلاثة⁣(⁣٥) أضرب، لأن السؤال الذي تضمنته الجملة، إما:


(١) سورة طه الآية ١٢٠.

(٢) سورة البقرة الآية ٤٩.

(٣) سورة الحجرات الآية ٩.

(٤) سورة الفاتحة الآية ٣.

(٥) لأن السامع إما أن يجهل السبب من أصله، فيسأل عنه، وإما أن يتصور نفي جميع الأسباب إلا سببا خاصا يتردد في حصوله أو نفيه، فيسأل عنه، واما عن غير السبب بأن ينبهم عليه شيء مما يتعلق بالجملة الأولى.