علوم البلاغة (البيان المعاني البديع)،

أحمد بن مصطفى المراغي (المتوفى: 1371 هـ)

الباب الحادي عشر في الفصل والوصل وفيه تمهيد وخمسة مباحث

صفحة 175 - الجزء 1

  وسبب ذلك دلالته على المقارنة لكونه مضارعا، ويناسب ذلك ترك الواو وعدم الحصول، ويناسبه ذكرها.

  (ج) وإن كانت فعلية ذات ماض لفظا ومعنى، فكذلك يجوز فيها الأمران فمن مجيئها بالواو قوله تعالى: {أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ}⁣(⁣١)، وقول امريء القيس:

  فجئت وقد نضت لنوم ثيابها ... لدى الستر إلا لبسة المتفضل⁣(⁣٢)

  ومن ترك الواو قوله ø: {أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ}⁣(⁣٣)، وقول عمرو ابن كلثوم:

  فآبوا بالرماح مكسرات ... وأبنا بالسيوف قد انحنينا

  وشرط ذلك ألا تقع بعد إلا أو (أو العاطفة) وإلا امتنع الاقتران بها، نحو: {وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ}⁣(⁣٤)، وقوله:

  كن للخليل نصيرا جار أو عدلا ... ولا تشح عليه جاد أو بخلا

  (د) وكذا الماضوية معنى فقط (هي المضارع المنفي بلم أو لما) فمن مجيئها بالواو قول كعب بن زهير:

  لا تأخذنّي بأقوال الوشاة ولم ... أذنب وإن كثرت في الأقاويل

  وقوله عز اسمه: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ}⁣(⁣٥)، ومن تركها قوله تعالى: {وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً}⁣(⁣٦)، وقوله:

  فقالت له العينان سمعا وطاعة ... وحدّرتا كالدر لما يثقب

  وسبب جواز الأمرين أنه اذا كان الماضي مثبتا دل على حصول صفة غير ثابتة


(١) سورة آل عمران الآية ٤٠.

(٢) نضى الثوب ونضاه: خلعه، ولبسة المتفضل: كساء رقيق، يلبس عند النوم.

(٣) سورة النساء الآية ٩٠.

(٤) سورة الحجر الآية ١١.

(٥) سورة البقرة الآية ٢١٤.

(٦) سورة الأحزاب الآية ٢٥.