علوم البلاغة (البيان المعاني البديع)،

أحمد بن مصطفى المراغي (المتوفى: 1371 هـ)

الباب الثاني عشر في الايجاز والاطناب والمساواة وفيه خمسة مباحث

صفحة 195 - الجزء 1

  ٥ - التذييل⁣(⁣١)، وهو الاتيان يجملة مستقلة عقب الجملة الأولى التي تشمل على معناها للتأكيد، وهو ضربان:

  (أ) أن يخرج مخرج المثل بأن يقصد بالجملة الثانية حكم كلي منفصل عما قبله جار مجرى الأمثال في فشو الاستعمال، نحو: {وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً}⁣(⁣٢)، وقول الحطيئة:

  نزور فتى يعطي على الحمد ما له ... ومن يعط أثمان المكارم يحمد

  (ب) ألا يخرج مخرج المثل بألا يستقل بالإفادة دون ما قبله، نحو قول ابن نباتة السعدي:

  لم يبق وجودك لي شيئا اومّله ... تركنني أصحب الدنيا بلا أمل

  وقوله تعالى: {ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ}⁣(⁣٣).

  وينقسم أيضا الى:

  (أ) ما كان تأكيدا لمنطوق الكلام كالآية: وقل جاء الحق، الخ.

  (ب) ما كان تأكيدا لمفهومه، كقول النابغة:

  ولست بمستبق أخا لا تلمه ... على شعث أيّ الرجال المهذّب⁣(⁣٤)

  فصدر البيت دل بمفهومه على نفي الكامل من الرجال، وقد حقق ذلك بعجزه:

  ٦ - التكميل، ويسمى الاحتراس أيضا، وهو أن يؤتى في كلام يوهم خلاف المراد بما يدفعه، وهو ضربان:

  (أ) أن يتوسط الكلام، كقوله:

  لو أن عزّة خاصمت شمس الضحى ... في الحسن (عند موفّق) لقضى لها

  إذ التقدير: عند حاكم موفق، فقوله: موفق، تكميل.


(١) هو أعم من الايغال من جهة أن يكون في الآخر وغيره وأخص من جهة أن الايغال قد يكون بغير الجملة ولغير التوكيد.

(٢) سورة الإسراء الآية ٨١.

(٣) إذ المراد: ذلك الجزاء المخصوص (سورة سبأ).

(٤) الشعث: التفرق والخصال الذميمة.