الباب الثاني عشر في الايجاز والاطناب والمساواة وفيه خمسة مباحث
  ٥ - التذييل(١)، وهو الاتيان يجملة مستقلة عقب الجملة الأولى التي تشمل على معناها للتأكيد، وهو ضربان:
  (أ) أن يخرج مخرج المثل بأن يقصد بالجملة الثانية حكم كلي منفصل عما قبله جار مجرى الأمثال في فشو الاستعمال، نحو: {وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً}(٢)، وقول الحطيئة:
  نزور فتى يعطي على الحمد ما له ... ومن يعط أثمان المكارم يحمد
  (ب) ألا يخرج مخرج المثل بألا يستقل بالإفادة دون ما قبله، نحو قول ابن نباتة السعدي:
  لم يبق وجودك لي شيئا اومّله ... تركنني أصحب الدنيا بلا أمل
  وقوله تعالى: {ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ}(٣).
  وينقسم أيضا الى:
  (أ) ما كان تأكيدا لمنطوق الكلام كالآية: وقل جاء الحق، الخ.
  (ب) ما كان تأكيدا لمفهومه، كقول النابغة:
  ولست بمستبق أخا لا تلمه ... على شعث أيّ الرجال المهذّب(٤)
  فصدر البيت دل بمفهومه على نفي الكامل من الرجال، وقد حقق ذلك بعجزه:
  ٦ - التكميل، ويسمى الاحتراس أيضا، وهو أن يؤتى في كلام يوهم خلاف المراد بما يدفعه، وهو ضربان:
  (أ) أن يتوسط الكلام، كقوله:
  لو أن عزّة خاصمت شمس الضحى ... في الحسن (عند موفّق) لقضى لها
  إذ التقدير: عند حاكم موفق، فقوله: موفق، تكميل.
(١) هو أعم من الايغال من جهة أن يكون في الآخر وغيره وأخص من جهة أن الايغال قد يكون بغير الجملة ولغير التوكيد.
(٢) سورة الإسراء الآية ٨١.
(٣) إذ المراد: ذلك الجزاء المخصوص (سورة سبأ).
(٤) الشعث: التفرق والخصال الذميمة.