الباب الأول في التشبيه وفيه اثنا عشر مبحثا
  {طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ}(١)، وقول امريء القيس:
  أيقتلني والمشرفي مضاجعي ... ومسنونة زرق كأنياب أغوال
  فهاتان لا تدركان بالحس، لعدم وجودهما، لكن لو أدركتا لم تدركا إلا بحاسة البصر.
  (الوجداني) كتشبيههم الجوع بالنار، والعطش باللهب وتسعر النار.
  والمختلفتان إما بأن يكون المشبه عقليا والمشبه به حسيا، كما يشبه العدل بالقسطاس، والرأي بسواد الليل في قوله:
  الرأي كالليل مسود جوانبه ... والليل لا ينجلي إلا بإصباح
  أو بالعكس بتقدير المعقول كأنه محسوس ويجعل كالأصل لذلك المحسوس مبالغة، ويكون حينئذ من التشبيه المقلوب كما في تشبيه العطر بحسن الخلق في قول الصاحب بن عباد:
  أهديت عطرا مثل طيب ثنائه ... فكأنما أهدي له أخلاقه
  والمفردان إما مطلقان، كما في تشبيه الشعر بالليل، والمخاطب بالحالم، في قوله:
  تأمل إذا ما نلت بالأمس لذة ... فأفنيتها هل أنت إلا كحالم
  وأما مقيدان بوصف أو إضافة أو ظرف أو حال، أو نحو ذلك، مما يكون له تعلق بوجه الشبه، كقولهم لمن يفخر بما ليس له، كالحادي، وليس له بعير(٢)، فهذه الجملة الحالية محتاج اليها في تحقيق الشبه بينهما، وكقول القاضي الفاضل:
  والشمس بين الأرائك قد حكت ... سيفا صقيلا في يد رعشاء
  وأما مختلفان، والمقيد هو المشبه، نحو:
  كأن فجاج الأرض وهي عريضة ... على الخائف المطلوب كفة حابل(٣)
  ونحو قول المتنبي:
(١) سورة الصافات الآية ٦٥.
(٢) يضرب مثلا للرجل يفخر بما ليس له.
(٣) الفجاج جمع فج الطريق الواسع بين جبلين، والكفة ما يصاد به (الشبكة).