علوم البلاغة (البيان المعاني البديع)،

أحمد بن مصطفى المراغي (المتوفى: 1371 هـ)

المبحث السابع في تقسيم التشبيه باعتبار الوجه إلى مجمل مفصل

صفحة 228 - الجزء 1

  وقول الشاعر:

  والليل تجري الدراري في مجرته ... كالروض تطفو على نهر أزاهره

المبحث السابع في تقسيم التشبيه باعتبار الوجه الى مجمل مفصل

  فالمجمل هو الذي لم يذكر فيه وجه الشبه، وهو قسمان:

  ١ - ظاهر يفهمه كل أحد كأن يشبه الشيء اذا استدار بالكرة في وجه والحلقة في وجه آخر، وكقوله:

  إنما الدنيا كبيت ... نسجته العنكبوت

  ٢ - خفي لا يعرف المقصود منه ببديهة السمع، بل يحتاج الى تأويل كقول كعب بن معدان الأشعري في وصف بني المهلب (هم كالحلقة المفرغة لا يدري أين طرفاها)، فهذا يحتاج الى فضل تأمل ورفق، ولا يفهمه إلا من ارتفع عن طبقة العامة ودخل في عداد الخاصة.

  ومن المجمل ما ذكر معه وصف المشبه به، كقول زياد الأعجم:

  وإنا وما تلقي لنا إن هجوتنا ... لكالبحر مهما تلق في البحر يغرق

  أو وصفهما معا، كقول أبي تمام يمدح الحسن بن رجاء:

  ستصبح العيس بي والليل عند فتى ... كثير ذكر الرضا في ساعة الغضب

  صدفت عنه ولم تصدف مواهبه ... عني وعاوده ظني فلم يخب

  كالغيث إن جئته وافاك ريقه ... وإن ترحلت عنه لج في الطلب⁣(⁣١)

  فقد وصف المشبه، أعني الممدوح، بأن عطاياه فائضة عليه، أعرض أو لم يعرض، ووصف المشبه، أعني الغيث، بأنه يصيبك، جئته أو ترحلت عنه، والوصفان دالان على وجه الشبه، أعني الإفاضة، في حالتي الطلب وعدمه، وحالتي الإقبال عليه والإعراض عنه.


(١) العيس ابل ابيض، والليل أي سيره، وصدفت أعرضت، والريق من كل شيء أفضله وترحلت تباعدت، ولج تمادى. وقد تركنا ما ذكر معه وصف المشبه فقط لعدم الظفر له بمثال عربي مسموع.