المبحث الحادي عشر في الغرض من التشبيه
  ٢ - بيان حاله، إذا كان غير معروف الصفة قبل التشبيه، كقول النابغة يمدح النعمان:
  كأنك شمس والملوك كواكب ... إذا طلعت لم يبد منهن كوكب
  فالوجه عظم حال النعمان وصغر حال الملوك الآخرين إذا قيسوا به.
  ويكثر استعماله على هذا النحو في العلوم والفنون للايضاح والبيان لتقريب الحقائق الى أذهان المتعلمين، كما يقال لهم: الأرض كالكرة، والذئب كالكلب في الحجم.
  ٣ - بيان مقدار حاله في القوة والضعف إذا كان معروف الصفة قبل التشبيه فبه يعرف مقدار نصيبه، كقول الأعشى:
  كأن مشيتها من بيت جارتها ... مرّ السحابة لا ريث ولا عجل(١)
  ٤ - تقرير حاله في نفس السامع، بإبرازها فيما هي فيه أظهر وأقوى، ويكثر في تشبيه الأمور المعنوية بأخرى تدرك بالحس كقولك للمشتغل بما لا فائدة فيه: أنت كالراقم على الماء، إذ بالتشبيه يظهر أنه قد بلغ من الخيبة أقصى الغاية وكقول المتنبي:
  من يهن يسهل الهوان عليه ... ما لجرح بميت إيلام(٢)
  وقوله:
  إن القلوب إذا تنافر ودها ... مثل الزجاجة كسرها لا يجبر
  ٥ - تزيين المشبه وتحسين حاله ليرغب فيه، كقول ابن المعتز يصف الهلال:
  أهلا بفطر قد أنار هلاله ... فالآن فاغد على الشراب وبكر
  انظر اليه كزورق من فضة ... قد أثقلته حمولة من عنبر(٣)
  ٦ - تشويه المشبه وذمه ليكره ويرغب عنه، نحو:
  كلف في شحوب وجهك يحكي ... نكتا فوق وجنة برصاء
(١) الريث: البطء.
(٢) فيه تشبيه ضمني إذ قد شبه حال من يقبل الهوان بحال الميت بجامع عدم التأثر، وذلك مفهوم ضمنا.
(٣) الحمولة: ما يحمل فيه ويوضع، والوجه وجود شيء أسود في داخل شيء أبيض.