التوجيه - الايهام
التوجيه - الايهام
  هو إيراد الكلام محتملا معنيين على السواء(١)، كهجاء ومديح، ليبلغ القائل غرضه الذي يريده بما لا يمسك عليه.
  كما روى أن محمد بن حزم هنأ الحسن بن سهل بتزويج ابنته بوران للخليفة المأمون مع من هنأه فأثابهم وحرمه، فكتب اليه: إن أنت تماديت في حرماني قلت فيك شعرا لا يعرف أمدح هو أم ذم.
  فاستحضره وسأله، فأقر، فقال الحسن: لا أعطيك أو تفعل، فقال:
  بارك الله للحسن ... ولبوران في الختن(٢)
  يا إمام الهدى ظفر ... ت ولكن ببنت من
  فلا يدري ببنت من في العظمة وعلو الشأن أم في الدناءة والخسة.
  فاستحسن الحسن منه ذلك وقال له: أمن مبتكراتك هذا؟ فقال: لا، بل نقلته من شعر بشار بن برد، وكان كثير العبث بهذا النوع.
  ومن أحاديثه في ذلك أنه خاط قباء عند خياط يسمى زيدا(٣)، فقال له الخياط مازحا: لأخيطنه فلا تدري أهو جبة أم قباء.
  فقال بشار: إذا أنظم فيك شعرا لا يعلم من سمعه أدعوت لك أم دعوت عليك، فلما خاطه له كما أخبره قبل، قال فيه بشار:
  خاط لي زيد قباء ... ليت عينيه سواء
  قل لمن يعرف هذا ... أمديح أم هجاء(٤)
  قال السكاكي: ومن هذا النوع متشابهات القرآن باعتبار: أي وهو احتمالها وجهين وإن كانت تفارقه باعتبار آخر وهو عدم تساوي الاحتمالين، لأن أحد المعنيين في المتشابهات قريب والآخر بعيد كما تقدم من عد المتشابه من التورية.
(١) فان كان أحدهما ظاهرا والثاني خفيا والمراد هو الخفي كان تورية.
(٢) الختن كل من كان قبل المرأة مثل الأب والأخ.
(٣) قال في «خزانة الأدب»: أغلب الناس يسمون الخياط عمرا، لكن صاحب «التحبير» روى أنه زيد.
(٤) هذان البيتان من مجزوء الرمل.