خاتمة
خاتمة
  ينبغي للمتكلم أن يتأنق في ثلاثة مواضع: الابتداء، التخلص، الانتهاء.
  ١ - فالابتداء هو أن يجعل المتكلم مبدأ كلامه حسن الوصف عذب اللفظ، صحيح المعنى، فإذا اشتمل على إشارة الى المقصود سمي براعة استهلال.
  قال ابن رشيق في «العمدة»: إن حسن الافتتاح، داعية الانشراح، ومطية النجاح، كما جاء في الخبر الشعر قفل أوله مفتاحه، فعلى الشاعر أن يجوّد ابتداء شعره، فإنه أول ما يقرع السمع وبه يستدل على ما عنده، وليتجنب (ألا وخليلي وقد) فلا يستكثر منها في ابتدائه فإنها من علامات الضعف والتكلان إلا للقدماء وليجعله حلوا سهلا وفخما جزلا، اه.
  ومن جيد الابتداءات قول امرئ القيس:
  قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ... بسقط اللوى بين الدخول فحومل(١)
  فقد وقف واستوقف وبكى واستبكى، وذكر الحبيب والمنزل في مصراع واحد، وقول النابغة الجعدي:
  كليني لهم يا أميمة ناصب ... وليل أقاسيه بطيء الكواكب
  وقد فضلوا بيت النابغة على البيت الأول، لأن الشطر الثاني منه كثير الألفاظ قليل المعنى غريب اللفظ.
  وقد كان أبو تمام في الموضع الذي لا يجارى في فخم ابتداءاته لما لها من الروعة والجلال، كقوله يهنيء المعتصم بفتح عمورية، مع أن المنجمين كانوا قد زعموا أنها لا تفتح في ذلك الوقت:
(١) السقط: منقطع الرمل حيث يدق، واللوى رمل معوج ملتو، والدخول وحومل: موضعان.