المبحث الثالث في المساواة - إيجاز التقدير
  وقوله #: الطمع فقر واليأس غنى.
  وقول علي كرم الله وجهه: ثمرة التفريط الندامة، لكل مقبل إدبار وما أدبر كان كأن لم يكن، لا يعد من الصبور الظفر وإن طال به الزمان، من استقبل وجوه الآراء عرف وجوه الخطأ، من أحدّ سنان الغضب لله قوي على قتل أسد الباطل.
  وقول بعض الأعراب: اللهم هب لي حقك وارض عني خلقك.
  فلما سمعه علي كرم الله وجهه قال: هذا هو البلاغة.
  وقول السمؤل بن عاديا الغساني:
  وإن هو لم يحمل على النفس ضيمها ... فليس الى حسن الثناء سبيل
  فقد اشتمل على مكارم الأخلاق من سماحة وشجاعة وتواضع وحلم وصبر وتكلف واحتمال مكاره، إذ كل هذه مما تضيم النفس، لما يحصل في تحملها من المشقة والعناء.
المبحث الثالث في المساواة(١) - إيجاز التقدير
  هي التعبير عن المعنى المقصود بلفظ مساو له لفائدة(٢)، بحيث لا يزيد أحدهما على الآخر، حتى لو نقص اللفظ تطرق الخرم الى المعنى بمقدار ذلك النقصان، وهي المذهب المتوسط بين الإيجاز والاطناب.
  وإليها يشير القائل كأن ألفاظه قوالب معانيه، كقوله تعالى: {مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ}(٣) {كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ}(٤) ومتعوهن على الموسع قدره {وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ}).
(١) وهي لا تحمد ولا تذم، إذ لا يحتاج فيها الى اعتبار نكتة، بل يكفي فيها عدم المقتضى للعدول عنها، إلا إذا اقتضى المقام تأدية أصل المعنى وراعاه البليغ فان ذلك يكون محمودا، ومن هذا ما جاء في القرآن الكريم والحديث الشريف وغيرهما من كلام فصحاء العرب.
(٢) وهو كون المأتي به هو الأصل، ولا داعي للعدول عنه.
(٣) سورة الروم الآية ٤٤.
(٤) سورة الطور الآية ٢١.