علوم البلاغة (البيان المعاني البديع)،

أحمد بن مصطفى المراغي (المتوفى: 1371 هـ)

المبحث الحادي عشر في الغرض من التشبيه

صفحة 234 - الجزء 1

  فالأرض ياقوته والجو لؤلؤه ... والنبت فيروزج والماء بلور

  طلعن بدورا وانقبن أهلة ... ومسن غصونا والتفتن جآذرا

  فاقضوا مآربكم عجالا إنما ... أعماركم سفر من الأسفار

التشبيه الضمني⁣(⁣١)

  هو ما لم يصرح فيه بأركان التشبيه على الطريقة المعلومة، بل يفهم من معنى الكلام وسياق الحديث كقوله:

  علا فما يستقر المال في يده ... وكيف تمسك ماء قنة الجبل

  فإنه قد شبه الممدوح المفهوم من ضمير علا بقنة الجبل ووجه الشبه عدم استقرار شيء والأداة محذوفة، ونحوه قول المتنبي:

  فإن تفق الأنام وأنت منهم ... فإن المسك بعض دم الغزال

  وقول الطغرائي:

  مجدي أخيرا ومجدي أولا شرع ... والشمس رأدالضحى كالشمس في الطفل⁣(⁣٢)

المبحث الحادي عشر في الغرض من التشبيه

  الغرض من التشبيه وهو الإيضاح والبيان مع الايجاز والاختصار يعود في الأغلب (في التشبيه غير المقلوب) الى المشبه لوجوه، منها:

  ١ - بيان إمكانه، إذا كان أمرا غريبا لا يمكن فهمه وتصوره إلا بالمثال، كقول البحتري:

  دنوت تواضعا وعلوت مجدا ... فشأناك انحدار وارتفاع

  كذلك الشمس تبعد أن تسامي ... ويدنو الضوء منها والشعاع

  فحين أثبت للمدوح صفتين متناقضتين، هما القرب والبعد، وكان ذلك غير ممكن في مجرى العرف والعادة، ضرب لذلك المثل بالشمس، ليبين إمكان ما قال.


(١) سمي ضمنيا لأنه يفهم ضمن القول وسياق الكلام.

(٢) شرع أي سواء، ورأد الضحى: ارتفاعه، والطفل: احمرار الشمس عند الغروب.