(6) التشبيه المقلوب
  مستقرّا في نفسك من أن الشئ يشبّه دائما بما هو أقوى منه في وجه الشبه، إذ المألوف أن يقال إنّ وجه الخليفة يشبه الصباح، ولكنه عكس وقلب للمبالغة والإغراق بادعاء أن وجه الشبه أقوى في المشبه؛ وهذا التشبيه مظهر من مظاهر الافتنان والإبداع.
  ويشبه البحتري برق السحابة الذي استمر لماعا طوال الليل بتبسم ممدوحه حينما يعد بالعطاء، ولا شك أن لمعان البرق أقوى من بريق الابتسام، فكان المعهود أن يشبه الابتسام بالبرق كما هي عادة الشعراء، ولكن البحتري قلب التشبيه.
  وفي المثال الثالث شبّهت الفلاة بصدر الحليم في الاتساع، وهذا أيضا تشبيه مقلوب.
القاعدة:
  (١٢) التشبيه المقلوب هو جعل المشبّه مشبّها به بادّعاء أنّ وجه الشبه فيه أقوى وأظهر.
نموذج
  (١) كأن النسيم في الرقة أخلاقه.
  (٢) وكأن الماء في الصفاء طباعه.
  (٣) وكأن ضوء النهار جبينه.
  (٤) وكأن نشر الروض حسن سيرته.
(١) يقرب من هذا النوع ما ذكره الحلبي في كتاب حسن التوسل وسماه تشبيه التفضيل، وهو أن يشبه شئ بشئ لفظا أو تقديرا ثم يعدل عن التشبيه لادعاء أن المشبه أفضل من المشبه به، ومثل له بقول الشاعر:
حسبت جماله بدرا مضيئا ... وأين البدر من ذاك الجمال
ومنه قول المتنبي في سيف الدولة:
ولما تلقاك السحاب بصوبه ... تلقاه أعلى منه كعبا وأكرم
وقول الشاعر:
من قاس جدواك يوما ... بالسحب أخطأ مدحك
السحب تعطى وتبكى ... وأنت تعطى وتضحك