البلاغة الواضحة،

علي الجارم (المتوفى: 1368 هـ)

(3) خروج الخبر عن مقتضى الظاهر

صفحة 164 - الجزء 1

  دليل على عدم اكتراثه، وعلى أنه يعتقد أن بنى عمه عزل لا سلاح معهم، فلذلك أنزل منزلة المنكرين فأكّد له الخبر وخوطب خطاب المنكر، فقيل له: «إن بنى عمك فيهم رماح».

  انظر إلى المثال الخامس تر أن اللّه سبحانه يخاطب المنكرين الذين يجحدون وحدانيته، ولكنه ألقى إليهم الخبر خاليا من التوكيد كما يلقى لغير المنكرين فقال: «وإلهكم إله واحد» فما وجه ذلك؟ الوجه أن بين أيدي هؤلاء من البراهين الساطعة والحجج القاطعة ما لو تأملوه لوجدوا فيه نهاية الإقناع، ولذلك لم يقم اللّه لهذا الإنكار وزنا ولم يعتدّ به في توجيه الخطاب إليهم.

  وكذلك الحال في المثال الأخير، فإن لدى المخاطب من الدلائل على ضرر الجهل ما لو تأمله لارتدع عن إنكاره، ولذلك ألقى إليه الخبر خاليا من التوكيد.

القواعد:

  (٣٤) إذا ألقى الخبر خاليا من التّوكيد لخالي الذّهن، ومؤكّدا استحسانا للسائل المتردّد، ومؤكّدا وجوبا للمنكر، كان ذلك الخبر جاريا على مقتضى الظّاهر.

  (٣٥) وقد يجرى الخبر على خلاف ما يقتضيه الظّاهر لاعتبارات يلحظها المتكلّم ومن ذلك ما يأتي:

  (ا) أن ينزّل خالى الذّهن منزلة السائل المتردّد إذا تقدّم في الكلام ما يشير إلى حكم الخبر.

  (ب) أن يجعل غير المنكر كالمنكر لظهور أمارات الإنكار عليه.