البلاغة الواضحة،

علي الجارم (المتوفى: 1368 هـ)

(1) المساواة

صفحة 239 - الجزء 1

الإيجاز والإطناب والمساواة

(١) المساواة

الأمثلة:

  (١) قال تعالى: {وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ}

  (٢) وقال تعالى: {وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ}⁣(⁣١)

  (٣) وقال النابغة الذبيانىّ:

  فإنّك كاللّيل الّذى هو مدركى ... وإن خلت أنّ المنتأى عنك واسع⁣(⁣٢)

  (٤) وقال طرفة بن العبد:

  ستبدى لك الأيام ما كنت جاهلا ... ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد⁣(⁣٣)

البحث:

  يختار البليغ للتعبير عما في نفسه طريقا من طرق ثلاث؛ فهو تارة يوجز، وتارة يسهب، وتارة يأتي بالعبارة بين بين، على حسب ما تقتضيه حال المخاطب ويدعو إليه موطن الخطاب، ونريد هنا أن نشرح هذه الطرق الثلاث، وسنبدأ بالمساواة لأنها الأصل المقيس عليه.


(١) يحيق: من قولهم حاق به الشئ إذا أحاط به.

(٢) المنتأى: موضع البعد وهو اسم مكان من انتأى عنه أي بعد: يخاطب النابغة الذبياني النعمان بن المنذر ويشبهه في حال سخطه بالليل في أنه يعم كل موطن، وذلك لسعة ملك النعمان وبسطة نفوذه فلا يفلت منه أحد.

(٣) من لم تزود: أي من لم تعطه زادا، والزاد: طعام المسافر، يقول: إن عشت فستعلمك الأيام ما لم تكن تعلم، ويأتيك بالأخبار من لم توجهه في طلبها.