[الاستعارة]
  فإذا أنت وازنت بين إجراء هاتين الاستعارتين وإجراء الاستعارات الأولى رأيت أن الإجراء هنا لا ينته عند استعارة المشبه به للمشبه كما انته في الاستعارات الأولى، بل يزيد عملا آخر وهو اشتقاق كلمة من المشبه به، وأن ألفاظ الاستعارة هنا مشتقة لا جامدة، ويسمى هذا النوع من الاستعارة بالاستعارة التبعية، لأن جريانها في المشتق كان تابعا لجريانها في المصدر.
  ارجع بنا ثانيا إلى المثالين الأخيرين لنتعلم منهما شيئا جديدا، ففي الأول وهو «ولما سكت عن موسى الغضب» يجوز أن يشبّه الغضب بإنسان ثم يحذف المشبه به ويرمز إليه بشئ من لوازمه وهو سكت فتكون في «الغضب» استعارة مكنية. وفي الثاني وهو «ورد الفرات زئيره» يجوز أن يشبّه الزئير بحيوان ثم يحذف ويرمز إليه بشئ من لوازمه وهو ورد فيكون في «زئيره» استعارة مكنية، وهكذا كل استعارة تبعية يصحّ أن يكون في قرينتها استعارة مكنية غير أنه لا يجوز لك إجراء الاستعارة إلا في واحدة منهما لا في كلتيهما معا.
القواعد:
  (١٤) تكون الاستعارة أصليّة إذا كان اللفظ الذي جرت فيه اسما جامدا.
  (١٥) تكون الاستعارة تبعيّة إذا كان اللفظ الذي جرت فيه مشتقّا أو فعلا(١).
  (١٦) كلّ تبعيّة قرينتها مكنيّة، وإذا أجريت الاستعارة في واحدة منهما امتنع إجراؤها في الأخرى.
(١) تقسيم الاستعارة إلى أصلية وتبعية عام في الاستعارة سواء أكانت تصريحية أم مكنية، ومثال الاستعارة المكنية التبعية أعجبني إراقة الضارب دم الباغي، فقد شبه الضرب الشديد بالقتل بجامع الإيذاء في كل، واستعير القتل للضرب الشديد، واشتق منه قاتل بمعنى ضارب ضربا شديدا، ثم حذف ورمز إليه بشئ من لوازمه وهو الإراقة على طريق الاستعارة المكنية التبعية.