أسرار البلاغة فى علم البيان،

الجرجاني، عبد القاهر (المتوفى: 471 هـ)

فصل هذا فن غير ما تقدم في الموازنة بين التشبيه والتمثيل

صفحة 152 - الجزء 1

  وكذلك تشبيه الثّغر بالأقاحي، ثم تشبيهها بالثغر، كقول ابن المعتز: [من السريع]

  والأقحوان كالثّنايا الغرّ ... قد صقلت أنواره بالقطر⁣(⁣١)

  وقول التّنوخي: [من الخفيف]

  أقحوان معانق لشقيق ... كثغور تعضّ ورد الخدود

  وبعده، وهو تشبيه النرجس بالعيون:

  وعيون من نرجس تتراءى ... كعيون موصولة التّسهيد⁣(⁣٢)

  وكما يشبّهون السيوف عند الانتضاء بعقائق البروق، كما قال: [من الوافر]

  وسيفي كالعقيقة وهو كمعي ... سلاحي، لا أفلّ ولا فطارا

  ثم يعودون فيشبّهون البرق بالسيوف المنتضاة، كما قال ابن المعتزّ يصف سحابة: [من المتقارب]

  وسارية لا تملّ البكا ... جرى دمعها في خدود الثّرى

  سرت تقدح الصّبح في ليلها ... ببرق كهندية تنضى⁣(⁣٣)

  وكقول الآخر يصف نار السّذق: [من المتقارب]

  وما زال يعلو عجاج الدّخان ... إلى أن تلوّن منه زحل⁣(⁣٤)

  وكنّا نرى الموج من فضّة ... فذهّبه النّور حتى اشتعل

  شرارا يحاكى انقضاض النجوم ... وبرقا كإيماض بيض تسلّ

  ومن لطيفه قول علي بن محمد بن جعفر: [من الكامل]

  دمن كأنّ رياضها ... يكسين أعلام المطارف⁣(⁣٥)

  وكأنّما غدرانها ... فيها عشور من مصاحف

  وكأنّما أنوارها ... تهتزّ في نكباء عاصف


(١) البيت في ديوانه.

(٢) البيت والذي قبله من أبيات في يتيمة الدهر ٢/ ٣١٣ في صفة الروض.

(٣) البيتان في ديوانه من أول قصيدة في الفخر.

(٤) الأبيات لأبي الحسن السلامي في يتيمة الدهر ٢/ ٣٨٧.

(٥) الأبيات لعلي بن محمد بن جعفر هو أبو الحسن العلوي الحماني والشعر في أمالي القالي ١/ ١٧٧، والسمط ٤٣٩، ٤٤٠. والمطارف: جمع مطرف وهو رداء من القز فيه أعلام، والطرر:

جمع طرّة، وهو أن يقطع للجارية من مقدّم ناصيتها كالطرّة تحت التاج، لا تبلغ حاجبها، والمثاقف: هو الذي يحسن المثاقفة بالسيف في الخصام والجلاد أي: العمل به (محمود شاكر).