فصل في ذكر بعض ما ورد من الآثار في السجود
  لوجه الله تعالى، ولقب بالسجاد لكثرة سجوده صلوات الله تعالى عليه؛ لأنه ما ذكر لله ø نعمة عليه إلا سجد، ولا قرأ آية من كتاب الله ø فيها سجود إلا سجد، ولا فرغ من صلاة مفروضة إلا سجد، ولا وفق لإصلاح بين اثنين إلا سجد، وما قام بعمل يرضاه الله تعالى إلا سجد ... وغير ذلك، ولقد كان أثر السجود في جميع مواضع سجوده.
  وفي حلية الأولياء: حدثنا عثمان بن عبد الرحمن بن علي بن زيد بن جدعان قال: أخبرت الحسن، يعني البصري بموت الحجاج، فسجد وقال: اللهم عقيرك وأنت قتلته، فاقطع سنته وأرحنا من سنته وأعماله الخبيثة، ودعا عليه.
  وفيها أيضاً عن عروة بن رويم قال قالت: الصفراء امرأة موسى # بأبي أنت وأمي أنا أيم منك منذ كلمك ربك، وكان موسى # لم يأتِ النساء منذ كلمه الله تعالى، وكان ألبس وجهه حريرة أو برقعاً فكان أحد لاينظر إليه إلا مات فكشف لها عن وجهه فأخذها من غشيته مثل شعاع الشمس، فوضعت يدها على وجهها وخرت لله ساجدة، فقالت: ادع الله أن يجعلني زوجتك في الجنة، قال: لك ذلك إن لم تتزوجي بعدي فإن المرأة لآخر أزواجها، قالت: فأوصني، قال: لاتسألي الناس شيئاً.
  وفيها أيضاً: حدثنا جعفر قال: كنا ننصرف من مجلس ثابت البناني فنأتي حبيباً الفارسي أبا محمد، فيحث على الصدقة فإذا وقعت قام فتلعق بقرن معلق ببيته ثم يقول:
  ها قد تغديت وطابت نفسي ... فليس في الحي غلام مثلي
  إلا غلام قد تغذى قبلي